للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تبيّن المراد منه انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حمله على ظاهره هو الراجح عندي، كما ذهب إليه ابن دقيق العيد، وأيّده ولي الدين رحمهما الله تعالى، فلا داعي إلى تأويل الجلد بالملبوس، وتقدّم الكلام في هذا في ٢٦/ ٣٠ - "البول إلى السترة يستتر بها" أوائل هذا الشرح، فراجعه، تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

(فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الصلاة) أي من بيته إلى المسجد لأداء الصلاة فيه، ولعله كان يومئذ عند غير عائشة رضي الله تعالى عنها، أو كان عندها، ولكن كانت مخاصمتها لليهوديّة خارج البيت. والله تعالى أعلم.

(وقد ارتفعت أصواتنا) جملة حالية من "رسول الله"، والرابط الواو، أي والحال أنّ أصواتنا مرتفعة (فقال) -صلى الله عليه وسلم- (ما هذا؟) استفهام عن سبب ارتفاع أصواتهما (فأخبرته) بضم التاء ضميراً للمتكلّم، أي فقالت عائشة -رضي الله عنها-: أخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- (بما قالت) أي اليهودية، من أن عذاب القبر من البول (فقال) -صلى الله عليه وسلم- (صدقت) أي فيما قالته من عذاب القبر من البول، وهذا قد تقدّم في -٦٤/ ١٣٠٨ - أنه -صلى الله عليه وسلم- إنما صدّقها بعدما جاءه الوحي بذلك (فما صلى) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- (بعد يومئذ) أي بعد تصديقه لليهوديّة فيما قالت بعد أن أوحي إليه.

و"بعد" منصوب على الظرفية متعلّق بـ"صلى" مضاف إلى "يوم" وهو مضاف إلى "إذ"، ويجوز جرّه بالكسرة، وبناؤه على الفتح، وهو الأولى، لإضافته إلى مبنيّ، وهو "إذ"، كما قال في "الخلاصة":

وَابْنِ أَوَ اعْرِبْ مَا كإِذْ قَدْ أُجْرِيَا … وَاخْتَرْ بِنَا مَتْلُوُ فِعْلٍ بُنِيَا

(صلاة) منصوب على أنه مفعول مطلق لـ"صلّى" (إلّا قال في دبر الصلاة) هذا محل استدلال المصنف رحمه الله على ما بوّب له، لأنه يدلّ على استحباب هذا الذكر دبر الصلاة، لكن في الاستدلال به نظر، لأن دبر الصلاة يشمل ما قبل التسليم، وما بعده، فالظاهر أن هذا الذكر مما يقال قبل السلام وبعده، ولا يتعيّن أن يكون بعده. فتأمل. والله تعالى أعلم.

(ربّ جبريل، وميكائيل، وإسرافيل) "ربَّ": منادى بحذف حرف النداء، وهو جائز في سَعَة الكلام، كما قال الحريري رحمه الله في "مُلحَة الإعراب":

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَاءِ"


(١) "زهر الربى" جـ ٣ ص ٧٢.