للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن المنذر: وقولنا موافق للثابت عن ابن مسعود، وابن عمر، وأنس، وسائر التابعين.

وقد اختُلف فيه عن النخعي، وروينا عن حماد بن أبي سليمان أنه رجع عن قوله: يصلي ركعتين.

وقد احتجّ بعض من قال كما قلنا بأن في إجماعهم على أن من لم يدرك الركوع لم يعتدّ بالسجود، مع إجماعهم على أن المنفرد لا يصلي جمعة، دليل بيّنٌ على أن من أدرك ركعة الناس (١) جلوساً في صلاة الجمعة أن يصلي أربعاً، وذلك أن حكم من أدرك من الجمعة سجدةً، وأدرك التشهد حُكمُ من لم يدرك من الصلاة شيئًا, لأن عليه في قول غيرنا أن يصلي ركعتين كاملتين، وهو منفرد في غير جماعة، إذ لا حكم لما أدرك مع الإِمام، وليس للمنفرد أن يصلي عندهم وعند غيرهم جمعة، فغير جائز أن يكون مدركاً لبعض الصلاة في حال، غير مدرك لشيء منها في تلك الحال انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى حسنٌ جدّاً.

وحاصله ترجيح قول من قال: إن من أردك ركعة من الجمعة مع الإِمام، فليضف إليها ركعة أخرى، فتكون له جمعة، ومن لم يدرك الركعة، بأن أدرك الإِمام في التشهد مثلاً، فليصل أربعاً؛ لأنه لم يدرك الجمعة، فالواجب عليه الظهر، وذلك لحديث: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدركها"، متفق عليه. والجمعة صلاة من الصلوات، كما قال الزهريّ رحمه الله تعالى.

وأما قول من قال: إن من لم يدرك الخطبة، فليست له جمعة، وكذا من قال: من أدرك الإِمام في التشهد، فليتم الجمعة، فمما لا دليل عليه، ولا برهان له من النصوص الصحيحة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) هكذا نسخة "الأوسط" "رَكْعَة الناس"، ولعل الصواب "على أن من أدرك الناس جلوساً"، بإسقاط لفظة "ركعة". والله أعلم.
(٢) "الأوسط" جـ ٤ ص ١٠٠ - ١٠٣.