للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والظاهر أن السائل هو خارجة المذكور لكونه كان كبير الوفد، ولذلك سمي من بينهم. واللَّه أعلم انتهى ما في "الفتح" بتصرف (١).

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تهدَّمَتِ الْبُيُوتُ) أي بكثرة الأمطار، وفي رواية إسحاق: "هُدم البناء، وغرق المال" (وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ) أي لتعذر سلوكها من كثرة الماء، وفي رواية حميد عند ابن خزيمة: "واحتبس الركبان" (وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي) أي بسببٍ غيرِ السبب الأول، والمراد أن المرعى انقطعت بسبب كثرة الماء، فهلكت المواشي من عدم الشرعي، أو لعدم ما يُكِنُّها من المطر، ويدلّ على هذا ما يأتي من طريق سعيد المقبري، عن شريك -٩/ ١٥١٥ - وهلكت الأموال من كثرة الماء" (فَقَالَ) أي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وفي رواية ثابت الآتية عن أنس: "فتبسم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقال: اللهم حوالينا, ولا علينا … وفي رواية إسماعيل بن جعفر الآتية أيضًا عن شريك: "فرفع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يديه" (اللهُمَّ عَلَى رُؤُوسِ الْجبَالِ) أي أنزل المطر على رؤوس الجبال التي لا يتضرر فيها أحد (والآكَامِ) بكسر الهمزة، وقد تفتح وتمدّ، جمع أكمة بفتحات، قال ابن البَرْقيّ: هو التراب المجتمع، وقال الداوديّ: هي أكبر من الكُدْية، وقال القزّاز: هي التي من حجر واحد، وهو قول الخليل، وقال الخطابي: هي الهضبة الضخمة، وقيل: الجبل الصغير, وقيل: ما ارتفع من الأرض، وقال الثعالبي: الأكمة أعلى من الرابية، وقيل: دونها (٢) (وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ) جمع واد، وهو -كما قال الفيومي-: كلّ منفرج بين جبال، أو آكام يكون مَنفَذًا للسيل (٣) وقال في "الفتح": والمراد بها ما يتحصّل فيه الماء لينتفع به، قالوا: ولم تُسمَع "أفعلة" جمعَ "فاعل" إلا "الأودية"، جمع "واد"، وفيه نظر، وزاد مالك في روايته: "ورؤوس الجبال" (وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ) جمع منبت بكسر الموحدة، أي ما حولها مما يصلح أن ينبت فيه, لأن نفس المنبت لا يقع عليه المطر، أي أنزله في المحل الذي تنتفع به النبات (فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينهِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ) قال في "النهاية": أي خرجت عنها كما يخرج الثوب عن لابسه، وقال الزركشي: "انجياب" نصب على المصدر، أي تقطعت كما يتقطع الثوب قطعًا متفرّقة انتهى (٤). وفي "المنتقى" قال ابن القاسم: قال مالك: معناه تَدَوَّرَتْ عن المدينة كما يُدَوَّرُ جيبُ القميص، وقال ابن وهب: يعني تقطعت عنها كما يتقطع الثوب الخلق انتهى.


(١) جـ ٣ ص ١٩٥ - ١٩٦.
(٢) المصدر المذكور.
(٣) "المصباح المنير".
(٤) انظر "زهر الربى" ج ٣ ص ١٥٥.