للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في إسناده خطأ آخر، إذ جعل الرواية عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، عن عمير مباشرة، والصواب أن يزيد رواه عن محمد بن إبراهيم التيميّ، عن عُمير، كما في رواية أحمد، وأبي داود من طريق حيوة، وعُمر بن مالك، عن ابن الهاد انتهى.

قال الجامع -عفا اللَّه عنه-: ورواه الحاكم ج١ ص ٣٢٧ من طريق يحى بن بُكير، عن الليث، فجعله من حديث عُمير مولى آبي اللحم، ولم يذكر "عن آبي اللحم"، وقال: صحيح الإسناد، وعُمير مولى آبي اللحم له صحبة انتهى.

وهذا يؤيد أن الحديث من مسند عمير، لا من مسند مولاه آبي اللحم، ووافق الذهبي الحاكم في تصحيح الحديث، لكن زاد في السند "عن آبي اللحم".

وروى أحمد ج ٤ ص ٣٦، وأبو داود من طريق شعبة عن عبد ربه بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، أخبرني من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - "يدعو عند أحجار الزيت باسطًا كفيه". اللفظ لأبي داود، قال الحافظ في مبهمات "التقريب"، و"تهذيب التهذيب": محمد بن إبراهيم: أخبرني من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أحجار الزيت، هو عُمير مولى آبي اللحم انتهى. وهذا أيضًا يرجّح كون الحديث من مسند عمير، لا من مسند مولاه.

والحاصل أن الراجح كونه من مسند عمير، لا من مسند مولاه آبي اللحم. واللَّه تعالى أعلم.

(أَنهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ) هو موضع بالمدينة من الحرّة، سمي بذلك لسواد أحجاره، كأنها طُليت بالزيت. ولفظ أبي داود: "عن عمير مولى بني آبي اللحم، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي عند أحجار الزيت، قريبا من الزوراء، قائمًا يدعو، يستسقي، رافعًا يديه قِبَل وجهه، لا يجاوز بهما رأسه"، ونحوه لأحمد، وزاد: "مقبل بباطن كفيه إلى وجهه". والزوراء -بفتح الزاي، وسكون الواو، بعدها راء ممدودة-: موضع عند سوق المدينة (يَسْتَسْقِي) جملة في محلّ النصب على الحال من "رسول اللَّه" (وَهُوَ مُقْنِعْ بِكَفَّيهِ) اسم فاعل من أقنع: يقال: أقنع الرجل بيديه في القنوت: مَدَّهما، واسترحم ربه، مستقبلاً ببطونهما وجهه ليدعو، قاله في "اللسان" (١).

فتبين بهذا أن الإقناع هو رفع اليدين جاعلاً باطنهما إلى وجهه، وهو معنى ما تقدّم في رواية أحمد، وأبي داود، وهو محلّ استدلال المصنف على الترجمة، حيث إن فيه بيانَ كفية الرفع.

ومحل الجملة نصب على الحال، وكذا قوله (يَدْعُو) فهي من الأحوال المترادفة، أو


(١) "لسان العرب" في مادة قنع.