للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والجواب أنه يمكن اعتبار أمور متعددة، مبتدأ بها باعتبار تقدّمها على غيرها، كأن يُعتبر جميع ما يقع أول النهار مبتدأ به، فما يكون منها متقدّما، يقال له: أولها.

ثم قوله: "نذبح" ينبغي أن يكون معطوفًا على مقدّر، أي فنصلي، ثم نذبح، ولا يستقيم عطفه على "أن نصلي" لأنه خبر عن "أولُ"، والأول لا يتعّدد، إلا أن يُراد بالأول ما يعمّ الأول حقيقةً، وإضافةً، أي يكون أولَ بالنظر إلى ما بعده، وعلى هذا يُعتبر أوّلية الأمرين، أعني الصلاة، والذبح بالنظر إلى الأكل والشرب، اللذين هما من متعلّقات هذا اليوم دِينًا، فكأنه اعتبر الصلاة، والنحر، والأكل، والشرب مبتدأ بها، ثم اعتبر الصلاة، والنحر أول المبتدإ بها، على أن الصلاة أوّلٌ حقيقةً، والنحر أولٌ إضافة انتهى (١). (فِي يَوْمِنَا هَذَا) أي يوم النحر (أن نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَذْبَحَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا) أي طريقتنا (وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ) أي قبل الصلاة (فَإِنّمَا هُوَ لَحْمٌ، يُقَدِّمُهُ لأَهْلِهِ) من التقديم، أي يجعله لأهله مقدّمًا (فَذَبَحَ) الظاهر أن الفاء لجواب شرط مقدّر، أي إذا عرفت ذلك، فاعرف أنه ذبح أبو بردة قبل ذلك، فقال الخ. قاله السنديّ (أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ) بكسر النون، وتخفيف الياء المثناة من تحتُ، وآخره راء، واسمه هانئ، واسم جده عمرو بن عُبيد، وهو بَلَويّ، من حُلَفاء الأنصار، وقد قيل: إن اسمه الحارث بن عمرو، وقيل: مالك بن هُبَيرة، والأول هو الأصحّ. وأخرج ابن منده من طريق جابر الجعفي، عن الشعبيّ، عن البراء، قال: كان اسم خالي قليلاً، فسماه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كثيرًا، وقال:، "يا كثير إنما نسكنا بعد صلاتنا"، ثم ذكر حديث الباب بطوله، وجابر ضعيف، وأبو بردة ممن شهد العقبة، وبدرًا، والمشاهد، وعاش إلى سنة اثنتين، وقيل: خمس وأربعين. له في الكتب الستة حديث واحد: "لا يُجلد فوق عشر جلدات، إلا في حدّ من حدود اللَّه" (٢)، وله عند المصنف خمسة أحاديث، الحديث المذكور، وحديثٌ في الذي تزوّج امرأة أبيه، وحديث الباب (٣)، وحديث: "اشربوا في الظروف، ولا تَسْكَروا". وحديث: "من صلى علي من أمتي صلاة … " في "عمل اليوم والليلة".

[تنبيه]: وقع في النسخ المطبوعة "ابن دينار" بدل "ابن نيار"، وهو غلط، فتنبّه. واللَّه أعلم.

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي جَذَعَةٌ) بفتح الجيم، والذال المعجمة: هي ما طعنت في السنة الثانية، والمراد أي من المعز، إذ الجذع من الضأن مُجزئة (خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ) هي ما طعنت في الثالثة (قَالَ: "اذْبَحْهَا، وَلَنْ تُوفِيَ" من الإيفاء، وفي نسخة: "ولن تجَزي"،


(١) - "شرح السنديّ" ج ٣ ص ١٨٢.
(٢) - "فتح" ج ١١ ص ١٢٧ - ١٢٨.
(٣) أخرجه في "الأضاحي" برقم (١٧/ ٤٣٩٧).