للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (حتى) في قوله: "حتى يطوقه" متعلقة بقوله: "يتبعه" أي يتبعه إلى أن يطوقه.

وقوله: "يطوقه" يجوز أن تكون الواو مكسورة والتقدير: حتى يطوقه الشجاع الأقرع، أي يصير له طوقًا، فالهاء عائدة إلى المطوَّق لا إلى المتطوق.

ويجوز أن تكون الواو مفتوحة، يعني يطوقه الله في عنقه أي يجعل له طوقًا والهاء فيها كالأولى وهي المفعول الثاني لطوق، والمفعول الأول مضمر فيه وهو كناية عن الشجاع.

والذي جاء في التفسير في قوله: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا} أي سيلزمون وبال ما بخلوا به إلزام الطوق المعنق.

وقيل: يجعلها ما بخلوا به من الزكاة حية تطوق في عنقه.

وقيل: يجعل طوقًا من نار.

وإنما قال: في عنقه" بعد قوله: "يطوقه" والطوق لا يكون إلا في العنق، على طريق التأكيد والبيان وإزالة الوهم لمظون في لفظة يطوق، حيث يدل الطوق على القدرة وإلإطاقة، وعلى هذا اللفظ جاء قول الله تعالى: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} (١) وقوله: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} (٢) وأمثال ذلك مجازات العربية وتفننها في كلامها.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا ِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} (٣) وذكر آيات كثيرة من القرآن تتضمن وجوب الزكاة، وفي بعضها: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٤) ثم قال: فأبان فرض الزكاة لأنه إنما عاقب على منع ما أوجب.


(١) [الأنعام: ٣٨].
(٢) [النحل: ٢٦].
(٣) [البينة: ٥].
(٤) [آل عمران: ١٨٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>