للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما كيفية الخرص: فإنهم كانوا إذا أدركت الثمار من الرطب والعنب مما فيه الزكاة، بعث السلطان خارصًا فخرص عليهم، وهو أن ينظر من يبصر ذلك، فيقول: يخرج من هذا من التمر أو من الزبيب كذا، فيحصي عليهم وينظر مبلغ العشر من ذلك فيثبت عليهم، ثم يتخلى يينهم وبين الثمار فيصنعون بها ما أحبوا، فإذا أدركت الثمار أخذوا منها العشر، وكانوا إذا خرصوا تركوا بعض ما أدى إليه اجتهادهم مسامحة واحتياطًا، لئلا يكون قد جزفوا وزادوا في الخرز.

والثمار: جمع: الثمر، والثمر: جمع ثمرة وحقيقته: أنه جنس لها، وما كان من هذا القبيل فإن أهل اللغة يسمونه جمعًا، [والنحويون] (١) يسمونه جنسًا، وجمع الثمار: ثمر، وقد جعل الاستعمال الشرعي والعرفي والفقهي الثمرة والثمار خاصاً بثمرة النخيل، وأكثر ما يطلقونه في كلامهم عليها, ولهذا قال في الحديث: "كان يبعث عليهم من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم" يريد بثمارهم: ثمرة نخيلهم.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الصلاح إذا بدأ في الثمار، وابتداء الصلاح هو أن تدور فيه الحلاوة، فإذا استقر الخرص خيرَّ الخارص أربابها، فإن رضوا بها سلمها إليهم وصارت الزكاة في ذمتهم إلى وقت الإدراك، وإن لم يرضوا به كان في أيديهم أمانة، وليس لهم أن يتصرفوا فيه بشيء من أكل أو بيع أو غير ذلك. وبه قال أكثر أهل العلم، وعليه العمل بين الأئمة والفقهاء. وروى عن الشعبي أنه قال: الخرص بدعة. ولا يتابع عليه.

قال الشافعي: وأحسب أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخرص النخل والعنب لشيئين:

أحدهما: أن ليس لأهله منع الصدقة منه، وأنهم مالكون [لتسعة] (٢) أعشاره وعشره لأهل السهمان، وكثير من منفعة أهله به إنما تكون إذا كان رطبًا وعنبًا،


(١) في الأصل [النحيون].
(٢) في الأصل [لقسمة] والمثبت من "الأم" (٢/ ٣٢) وأيضاً في "المعرفة" (٦/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>