للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللشافعي قول قديم في المنع من بيع جلد الميتة المدبوغ، موافقًا لقول مالك، حيث قال: إنه يُطَهِّرُ ظاهِرَهُ دُونَ بَاطِنِهِ.

وقد أخرج الشافعي في سنن حرملة، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة ميتة لمولاة لميمونة، فقال: "ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به".

فأما حديث عبد اللَّه بن عكيم "أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كعب إلى جهينة قبل موته بشهر، أن لا ينتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".

فقد رواه الشافعي: في سنن حرملة، عن عبد الوهاب الثفقي، عن خالد الحَذَّاء، عن الحكم، عن عبد اللَّه بن عكيم.

وفي الحديث إرسال: وهو محمول على إهابها قبل الدبغ، جمعًا بين الخبرين (١).


(١) قال الحافظ في التلخيص (١/ ٤٨).
ومحصل ما أجاب به الشافعية وغيرهم عنه التعليل بالإرسال:
وهو أن عبد اللَّه بن عكيم لم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -. والانقطاع بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد اللَّه بن عكيم. والاضطراب في سنده فإنه تارة قال عن كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتارة عن مشيخة من جهينة وتارة عن من قرأ الكتاب.
والاضطراب في المتن، فرواه الأكثر من غير تقييد، ومنهم من وراه بقيد شهر أو شهرين، أو أربعين يومًا أو ثلاثة أيام.
والترجيح بالمعارضة، بأن الأحاديث الدالة على الدباغ أصح والقول بموجبه بأن الأهاب اسم الجلد قبل الدِّباغ، وأما بعد الدِّباغ فَيُسَمَّى شَنًّا، وقربة؛ وحمله على ذلك ابن عبد البر والبيهقي وهو منقول عن النضر بن شميل؛ والجوهري قد جزم به.
وانظر بتفصيل أوسع من هذا في نصب الراية (١/ ١٢٠).
وقد مال الشيخ الألباني -رحمه اللَّه- إلى تقوية الحديث.
وقال في الضعيفة (١/ ٢٣٩):
في ثبوته خلاف كبير بين العلماء، لكن الراجح عندنا صحته كما حققناه في كتابنا إرواء الغليل (رقم ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>