للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطابي (١): ظاهر هذا الحديث يدل على أن قدر خمسة عشر صاعًا كاف في الكفارة عن شخص واحد لكل مسكين مد، وقد جعله الشافعي أصلاً لمذهبه في أكثر المواضع التي يجب فيها الإطعام، وقد روي في خبر سلمة بن صخر، وأوس بن الصامت في كفارة الظهار أنه [قال] (٢) في أحدهما: "أطعم ستين مسكينًا وسقا".

والوسق: ستون صاعًا، وفي الآخر قال: "أتى بعرق" والعرق ثلاثون صاعًا كذا فسره محمد بن إسحاق بن يسار، وإسناد الحديثين لا بأس به وإن كان حديث أبي هريرة أشهر منهما، فالاحتياط أن لا يقتصر على المد الواحد؛ لجواز أن يكون العرق الذي أتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - المقدر بخمسة عشر صاعًا، فصار في الحكم عن مبلغ تمام الواجب اتساعًا لوجوده.

وفي هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مهد عذره في ترك الصيام بالغلبة المفرطة، وقد اختلف الأئمة في ذلك، والظاهر: أنه لا يرخص في العدول الإطعام وهو القياس.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن أخيه خالد بن أسلم أن عمر بن الخطاب أفطر في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، قد طلعت الشمس، فقال عمر بن الخطاب: الخطب يسير.

هذا الحديث أخرجه مالك (٣) في الموطأ وزاد في آخره: وقد اجتهدنا.

قال الشافعي: يعني فصام يوماً مكانه ولذلك قال: الخطب يسير أي: الشأن والأمر سهل.


(١) معالم السنن (٢/ ١٠٣).
(٢) من معالم السنن.
(٣) الموطأ (١/ ٢٥١ رقم (٤٤)).

<<  <  ج: ص:  >  >>