للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان السؤال عن الواحد أجاب بالواحد، ودخل في هذا الواحد الجميع لوقوع لفظ المحرم على كل محرم.

وقال في الرواية الثانية: "لا يلبس القمص ولا السراويلات، ولا العمائم ولا البرانس" فجاء بلفظ الجمع لأنه لما سأله عن المحرم وهو عبارة عن الواحد، أجابه بما يلزم كل محرم اجتنابه لئلا يتوهم متوهم أن هذا حكم يخص محرمًا بعينه، فأزال هذا الوهم بقوله: "لا تلبسوا" ثم لما قال: لا تلبسوا، قال: "القمص والعمائم والسراويلات" فجمع الملابس كما جمع اللابسين.

وقوله في الرواية الأولى: "ولا يلبس الخفين إلا لمن لم يجد نعلين" فاستثنى عامًّا من خاص، وكان ينبغي أن يعكس القضية وذلك أن قوله: "لا يلبس المحرم خفين" مستثنى منه وهو خاص، وقوله: "إلا لمن لم يجد نعلين" استثناء عام، والقياس أن يقول: إلا أن لا يجد نعلين، وإنما جوّز ذلك أن لفظة المحرم تقع -كما قلنا- على كل محرم لدلالته على الجنسية، كما تقول: لا يأكل المريض سمكًا، إلا من لم يجد غيره، وكان القياس: إلا أن لا يجد غيره، وإنما جاز ذلك لوقوع لفظ المريض على كل مريض، أي لا يأكل من يقع عليه اسم المرض سمكًا إلا من لم يجد غيره.

والذي جاء في الرواية الثانية ظاهر لا يحتاج إلى تأويل.

وقال في رواية "خفين" في حيث وجد الملابس وكل لابس فله خفان، وقال في رواية أخرى: "خفاف" فجمع حيث جمع اللابسين.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن المحرم يحرم عليه من اللباس أمران:-

أحدهما: ما يتعلق بالرأس، والثاني: بالبدن.

فأما الرأس: فيحرم ستره بكل ما يسمى ساترًا معتادًا مخيطًا كان أو غير مخيط. والاستظلال بالسقف، وغطاء المحمل، والانغماس في الماء لا يحرم عليه. هذا الرجل، فأما المرأة: فيلزمها في وجهها ما لزم الرجل في رأسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>