للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشأن زواجها، والحديث إذا روي مرة مرسلًا ومرة مسندًا فإرساله لا يقدح في إسناده (١)، وقد أشبع الشافعي -رحمه الله تعالى- الكلام على هذا الحديث، ونحن نذكر قوله.

قال الشافعي: وقد روى بعض قرابة ميمونة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة محرمًا" -يريد ابن عباس- قال: فكان أشبه الأحاديث أن يكون ثابتًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نكح ميمونة حلالاً، فإن قيل: ما يدل على أنه أثبتها؟ قيل: روى عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "النهي عن أن ينكح المحرم ولا ينكح" وعثمان متقدم الصحبة، ومن روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نكحها محرمًا لم يصحبه إلا بعد السفر الذي نكح فيه ميمونة، وإنما نكحها قبل عمرة القضية، وقيل: إنه إذا اختلف الحديثان فالمتصل الذي لا شك فيه، أولى عندنا أن يثبت لو لم تكن الحجة إلا فيه نفسه، ومع حديث عثمان [ما] (٢) يوافقه وإن لم يكن متصلًا اتصاله، فإن قيل لمن روى: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكحها محرمًا قرابة تعرف نكاحها؟ قيل: ولابن أختها يزيد بن الأصم ذلك المكان منها ولسليمان بن يسار منها مكان الولاية، شبيها به أن يعرف نكاحها، فإذا كان يزيد بن الأصم وسليمان بن يسار مع مكانهما يقولان: ينكحها حلالاً، وكان ابن المسيب يقول: نكحها حلالاً، ذهبت العلة في أن نثبت من قال: نكحها وهو محرم بسبب القرابة، وبأن حديث عثمان الإسناد المتصل لا شك في إيصاله أولى أن يثبت مع موافقة ما وصفت، فأي محرم نكح أو أنكح فنكاحه مفسوخ بما وصفت من نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المحرم.

وقد روى الشافعي بإسناده عن عمر بن الخطاب: أنه رد نكاح المحرم. ورواه عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وروي عن علي بن أبي طالب، وهو قول


(١) وليس هذا مطردًا، وكل حديث له قرائن والترجيح إنما يكون للحافظ على من دونه.
(٢) من المعرفة (٧/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>