للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزم، وقد تقدم بيان مثل هذا فيما سبق، وإن صحت الرواية ولم يكن تحْريفًا من النساخ؛ فتكون "لا" نافية وقد أعطاها معنى النهي لأنه إذا نفى أن يوجد هذا البيع فكأنه قد استمر عدمه، والمراد من النهي عن الفعل إنما هو طلب إعدامه أو استبقاء عدمه فكان النفي الوارد من الواجب صرفه يفيد ما يراد من النهي، وهذا معنى لطيف، وإنما حَمَلَنَا عليه القصد إلى تصحيح ما اتفقت عليه كتب العلماء ورواياتهم والله أعلم.

ورأيت الإِمام أبا نصر بن الصباغ قد ذكر في "الشامل" لماَّ أورد هذه المسألة وهذا الحديث قال: والمراد به النهي وإن كان لفظة لفظ الخبر، وهذا يعضد ما قلناه من ورود الروايات بلفظ النفي لا النهي.

وفي قوله: "على بيع أخيه" زيادة تقبيح لمخالفة النهي وتحريض على الوقوف عنده واتباعه، والمراد بالأخوة ها هنا أخوة الإِسلام لا أخوة النسب.

ولمعنى هذا النهي تأويلان:

أحدهما: أن يشتري الرجل السلعة، ويتم البيع ولم يفترق المتبايعان عن مقامها ذلك، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض رجل آخر سلعة أخرى على ذلك المشتري [تشبه] (١) السلعة التي اشتراها ليبتاعها منه، لما في ذلك من الإفساد على البائع الأول؛ إذ لعله يرد المشتري السلعة التي اشتراها أولاً ويميل إلى هذه، وهو وإن كان لهما الخيار ما لم يفترقا فهو نوع من الإفساد.

والقول الثاني: أن يكون المتبايعان [يتساومان] (٢) في السلعة ويتقارب العقد بينهما ويقع التراضي، ولم يبق إلا اشتراط النقد أو نحوه، فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشتري الأول، وذلك ممنوع عند المقاربة؛ لما فيه من الإفساد ومباح أول العرض والمساومة.


(١) في "الأصل": "لشبه"، وهو تحريف.
(٢) في "الأصل": يتساويان، وهو تحريف أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>