للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضرر، وقد جاء في الحديث الصحيح (١) عن ابن عباس: أنه سُئل عن معنى لا يبيع حاضر لباد قال: لا يكون له سمسارًا.

قال صاحب "الشامل": إنما يحرم هذا بأربع شرائط؛ أن يكون البدوي يريد البيع، وأن يريد بيعه في الحال وأن يكون بالناس إليه حاجة وهم في ضيق، وأن يكون الحاضر استدعى منه ذلك، فإن لم توجد هذه الشرائط أو شرط منها جاز لأنه [إن] (٢) لم يكن (بأهل) (٣) البلد حاجة فلا ضرر في تأخير بيع ذلك، وكذلك إذا لم يود بيعه في الحال؛ فإنه يجوز للحضري أن يتولاه له؛ لأنه لم يكن الإضرار من جهته، ولو منع من ذلك أضر بصاحب المتاع، وربما أدى ذلك إلى انقطاع الجلب حيث يمنع من اختياره، وكذلك إذا ابتدأ البدوي وسأل الحضري أن يتولى له البيع جاز، وحينئذٍ يخرج قول ابن عباس: "لا يكون له سمسارًا" على هذا التقدير، والمشروط فيه الشرائط الأربع، وقد كره بيع الحاضر للبادي أكثر أهل العلم، فكان مجاهد يقول: لا بأس به في هذا الزمان؛ فإنما النهي كان وقع عنه في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

والحسن البصري، وابن سيرين يقولان: لا يبيع للبدوي ولا يشتري له، وأطلق البيع على البيع والشراء، تقول: بعت الشيء بمعنى اشترتيه، وشريت الشيء بمعنى بعته.

قال الشافعي: أهل البادية يَقْدمون جاهلين بالأسواق، وحاجة الناس إلى ما قدموا به، ومستقلين المقام، فيكون أدنى من أن يرتخص المشتري سلعهم وإذا تولى أهل القرية البيع ذهب هذا المعنى.

فأي حاضر باع لبادٍ فهو عاصٍ - إذا علم الحديث- والبيع لازم غير مفسوخ


(١) أخرجه البخاري (٢١٥٨)، ومسلم (١٥٢١).
(٢) ليست في "الأصل"، والسياق يقتضيها.
(٣) تكررت في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>