للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الجوائح": جمع جائحة، وهي الآفة التي تصيب الثمار والغلات فتهلكها، جحت الشيء أجيحه وجاحتهم الجائحة واجتاحتهم وجاح الله ما له وأجاحه بمعنى أي أهلكه بالجائحة، ووضعها إسقاطها من الثمن بقدرها.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أنه إذا اشترى ثمرة قبل بدو الصلاح بشرط القطع فأصابتها جائحة قبل القطع، أو كانت بعد بدو الصلاح فتلفت قبل أن يأخذها، نظرت؛ فإن كان ذلك قبل القبض انفسخ العقد وكانت من ضمان البائع، وإن كان ذلك بعد القبض، وهو التخلية بين المشتري وبينها، فاختلف فيه قول الشافعي، فقال في القديم: هي من ضمان البائع، وإن تلفت كلها انفسخ العقد وإن تلفت بعضها انفسخ فيه، وهل ينفسخ في الباقي؟ مبني على القولين في تفريق الصفة.

وقال في الجديد: يكون ذلك من ضمان المشتري ولا يسقطه شيء من الثمن بذلك.

وبه قال أبو حنيفة، وهو الصحيح عند أصحاب الشافعي، ولا فرق بين القولين في أن يكون التلف بأمر سماوي مثل الثلج والربح والبرد، أو أمر أرضي كنهب أو سرقة أو غير ذلك.

وقال مالك: إن كان التالف أقل من الثلث كان من ضمان المشتري، وإن كان [قدر الثلث] (١) كان من ضمان البائع.

وقال أحمد: إن تلف ذلك بأمر سماوي كان من ضمان البائع، وإن كان بأرضي كان من ضمان المشتري والله أعلم.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا مالك، عن أبي الرجال، عن أمه عمرة. أنه سمعها تقول: "ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) تكررت بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>