للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الاسترفاق": طلب الرفق [في] (١) الاقتضاء والطلب.

و"المعروف": كلمة جامعة لصنائع الخير، وهي من الصفات العالية، يريد الخير المألوف بين الناس، المعروف عند الأخيار، هذا هو الأصل، ثم نقل واستعمل استعمال الأسماء، فصار كله موضوع بإزائه.

وقوله: "فله أَيُّ ذلك أحب، يريد أي الأمرين من خفض الثمن أو الإقالة، أو أي الأمرين من الوضع أو الرفق.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: حديث عمرة مرسل، وأهل الحديث ونحن لا نثبت المرسل، ولو ثبت حديث عمرة كانت فيه -والله أعلم- دلالة على أن لا توضع الجائحة، لقولها: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تألى أن لا يفعل خيرًا" ولو كان الحكم عليه أن يضع الجائحة لكان أشبه أن يقول: ذلك لازم له، حلف أو لم يحلف.

قال الشافعي: قال سفيان في حديثه عن جابر في وضع الجوائح ما حكيت، فقد يجوز أن يكون الكلام الذي لم يحفظ سفيان من حديث حميد يدل على أن أمره بوضعها على مثل أمره بالصلح على النصف، وعلى مثل أمره بالصدقة تطوّعا؛ حضُّا على الخير لا حتمًا وما أشبه ذلك (٢).

فلما احتمل الحديث المعنيين معًا ولم يكن فيه دلالة على أيهما أولى به؛ لم يجز عندنا -والله أعلم- أن يحكم على الناس في أموالهم بوضع ما وجب لهم [بلا خبر] (٣) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضعه، والله أعلم.


(١) في "الأصل": به.
(٢) زاد في "الأم" (٣/ ٥٧)، والمعرفة (٨/ ٨٩): "ويجوز غيره".
(٣) في "الأصل": بالأجر، وهو تحريف والمثبت من "الأم" و"المعرفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>