للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معلوم كله، والتمر قد يكون رطبًا؛ فقد أجاز أن يكون الرطب سلفًا مضمونًا في غير حينه الذي يطيب فيه؛ لأنه إذا أسلف سنتين كان بعضها في غير حينه.

قال: والسلف قد يكون بيع ما ليس عند البائع، فلما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكيم بن حزام عن بيع ما ليس عنده وأذن في السلم؛ استدللنا على أنه لا ينهى عما أمر به، وعلمنا أنه إنما نهى حكيمًا عن بيع ما ليس عنده إذا لم يكن مضمونًا عليه، وذلك بيع الأعيان (١).

ولابد في السلم من ضبط المسلم فيه بالأوصاف التي تميزه عن أشباهه من جنسه، ولابد من ذكر المكيل والوزن فيما يكال ويوزن، ويجوز ضبط الكيل بالوزن وضبط الوزن بالكيل؛ لأن الغرض يحصل بكل منهما؛ بخلاف الربويات فإن الاعتبار فيها بالعادات، ومبناه على التعبد بالشرع.

ومعنى قوله: "إلى أجل معلوم" أن يكون مقيدًا بوقت مخصوص لا يتقدم ولا يتأخر، كما لو أجله بالحصاد، والقطاف، وبقدوم زيد، ونحو ذلك مما يختلف وقته.

وقال الشافعي: وقوله: "في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم أو إلى أجل معلوم" أظنه أنه أراد لما ذكر الوزن مع الكيل؛ دلَّ أنه أراد إِنْ أسلف في كيل أن يسلف في كيل معلوم، وإذا أسلف في وزن أن يسلف في وزن معلوم وإذا سمى أجلًا أن يسمي أجلًا معلومًا.

وأخبرنا الشافعي، أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر: "أنه كان لا يرى بأسًا أن يبيع الرجل شيئًا إلى أجل ليس عنده أصله".

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا سعيد، عن ابن جريج، عن نافع،


(١) انتهى كلام الشافعي هنا كما في "الأم" (٣/ ٩٤)، "والمعرفة" (٨/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>