للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"العرق الظالم" هو أن يغرس الرجل في غير أرضه بغير إذن صاحبها، فلا حق له في ذلك الغرس، وبقائه في الأرض، بل يُلْزَم بقلعه؛ إلا أن يرضى المالك، وكذلك ما أحدثه في ملك غيره بغير إذنه من بناءٍ أو حفرٍ أو غير ذلك.

والعرق يجوز أن يكون مضافًا إلى الظالم، وأن يكون مقطوعًا عن الإضافة.

فالأول: يكون قد أضافه إلى الظالم، وهو صفة لموصوف محذوف تقديره: لعرق رجل ظالم حق، والعرق أحد عروق الشجر، أي: ليس لعرق من عروق هذه الغروس التي يغرسها الرجل الظالم حق في الأرض التي غرست فيها.

والثاني: يكون قد جعل الظالم صفة للعرق نفسه على سبيل الاتساع في الكلام، كأن العرق بانغراسه في هذه الأرض قد صار ظالمًا، حتى كأن الفعل له، وأنه هو الذي انغرس في هذه الأرض لا بغرس غارس.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أن البلاد والأرضين على ضربين: عامر، وغامر.

فأما العامر فلأهله، لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذن مالكه، وسواء فيه المسلم وغيره.

وأما الغامر وهو الخالي من العمارة فلا يخلو أن يكون جرى عليه ملك مالك، أو لم يجر عليه، فالذي لم يجر عليه ملك مالك يجوز إحياؤه، والذي جرى عليه الملك لا يخلو أن يكون مالكه معينًا معروفًا، أو لم يكن مُعيّنًا، فالمعين لا يجوز إحياؤه، وغير المعين فيه وجهان:

أحدهما: يجوز، وبه قال أبو حنيفة.

والثاني: لا يجوز.

وقال مالك: لو كان مُعَيَّنًا فتركها حتى دثرت، ثم أحياها غيره، كان الثاني أحق بها منه.

والعامر من بلاد الشرك كأنما يملك بالقهر والغلبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>