للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقطع السلطان رجلاً أرضًا ليحييها صار أحق بها من غيره، وكذلك إذا تحجرها، كأنه أَثَّر فيها أثرًا لم يبلغ به الإحياء.

وأخبرنا الربيع قال: قال الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي، عن أبيه علقمة بن نضلة: "أن أبا سفيان بن حرب قام بفناء داره، فضرب برجله وقال: سنام الأرض إن لها سنامًا، زعم ابن فرقد الأسلمي أني لا أعرف حقي من حقه، لي بياض المروة وله سوادها, ولي ما بين كذا إلى كذا. فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فقال: ليس لأحد إلا ما أحاطت عليه جدرانه؛ إن إحياء الموات ما يكون: زرعًا، أو حفرًا، أو يحاط بالجدران.

وهو مثل إبطاله التحجر بغير ما يعمر به مثل ما يحجر".

هكذا جاء الحديث في المسند متصل الكلام على آخره، وإنما آخره هو قوله: "إلا ما أحاطت به جدرانه"، وقوله: "إن إحياء الموات ... " إلى آخر الحديث من كلام الشافعي كالبيان لقول عمر.

وقد رواه المزني عن الشافعي بهذا الإسْناد نحوه إلى قوله: "جدرانه".

"فناء الدار" ناحيتها وجانبها، وسنام كل شيء أعلاه تشبيهًا بسنام البعير.

قوله: "أني لا أعرف حقي من حقه" يريد بذلك إما الجهل بإنكار العرفان، أو التجاهل على سبيل التعدي والظلم.

و"المروة" الحجر الأبيض الرقيق، و"الجدار" قد جاء في نسخة بالنون، وفي نسخة بالتاء، فبالنون هو جمع جدار جمع تكسير للتكثير، وبالتاء جمع جُدُر.

وقول الشافعي: "إن إحياء الموات ما يكون زرعًا .. " إلى آخر الكلام، بيانه أنه قال: "والإحياء ما عرفه الناس إحياء، والإحياء إنما يكون دارًا للسكني، أو حظيرة للماشية وغيرها، أو مزرعة، ولكل واحد من هذه الأشياء تفصيل في إحيائه، هو مستقصى في كتب الفقه، فلم نُطول بذكرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>