للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفضل الماء الفضل] (١) عن حاجة مالك الماء.

وهذا أوضح حديث رُوي في الماء، وأبينه معنى؛ لأن مالكًا روى عن أبي الرجال، عن عمرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع نقع البئر" (٢).

قال الشافعي: فكل ماء ببادية، في عين أو بئر أو غيل أو نهر بلغ مالكه منه حاجته لنفسه وماشيته وزَرَعَ -إن كان له- فليس له منع فضله عن حاجته من أحد يشرب به، أو يسقي ذا روح خاصة دون الزرع والشجر. زاد في سنن حرملة: "والبناء": إلا أن يتطوع بذلك مالك الماء.

قال الخطابي: وإلى بيان ما قلناه من تفسير الماء والكلأ؛ ذهب مالك والأوزاعي والليث، وهو معنى قول الشافعي، والنهي في هذا عنده على التحريم.

وقال قوم: ليس النهي فيه على التحريم لكنه من باب المعروف، فإن شح رجل على مائه لم ينتزع من يده، والماء في هذا كغيره من صنوف الأموال لا يحل إلا بطيب نفس مالكه.

وذهب قوم إلى أنه لا يجوز له منع الماء ولكنه تجب له القيمة على أصحاب المواشي، وشبهوه بمن يضطر إلى طعام رجل؛ فإن له أكله وعليه أداء قيمته، ولو لزمه بدل الماء بلا قيمة للزمه بدل الكلأ إذا كان في أرضه بلا قيمة، وللزمه كذلك أن لا يمنع الماء زرع غيره، فأما من تأول الحديث على معنى الاستحباب دون الإيجاب فإنه يحتاج إلى دليل يجوز معه ترك الظاهر، وأصل النهي على التحريم، فمنع فضل الماء محظور على ما ورد به الظاهر، وأما من أوجب فيه


(١) سقط من "الأصل"، والمثبت من "الأم" (٤/ ٤٩).
(٢) الموطأ (١٤٢٨) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٥٢) هكذا عن عمرة مرسلًا وقد روي موصولًا أيضًا من طرق أخرى عن عمرة، عن عائشة، راجع سنن البيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>