للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه، وهي بينة في كتاب الله عز وجل {مَا جَعَلَ الله مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (١) فهذه الحبس التي كان أهل الجاهلية يحبسونها، فأبطل الله شروطهم فيها، وأبطلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإبطال الله جَلَّ ثناؤه -إياها، وهي أن الرجل كان يقول -إذا نتج فحل إبله ثم ألقح ما نتج منه-: [هو] (٢) حام، أي قد حمي ظهره، فيحرم ركوبه ويجعل ذلك شبيهًا بالعتق له، ويقول في البحيرة والوصيلة على معنى يوافق بعض هذا، ويقول لعبده: أنت حُرٌّ سائبة لا يكون لي ولاؤك ولا عليّ عقلك.

وقيل أيضًا إنه في البهائم: قد سيبتك.

[فلما] (٣) كان العتق لا يقع على البهائم؛ رَدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملك البحيرة والوصيلة والحام إلى مالكها، وأثبت العتق وجعل الولاء لمن أعتق السائبة، ولم يحبس أهل الجاهلية -علمته- دارًا ولا أرضًا تبررًا بحبسها، وإنما حبس أهل الإِسلام.

ثم ذكر الشافعي -رضي الله عنه- حديث ابن عمر في التحبيس، وبين بذلك أن الحبس الذي أطلق عليه غير الحبس الذي أمر بتحبيسه.

ثم قال: وقول شريح: "لا حبس عن فرائض الله" لا حجة فيه؛ لأن قوله على الانفراد لا يكون حجة، ولو كان حجة لم يكن في هذا حبس عن فرائض الله، أرأيت لو وهبها لأجنبي أو باعه إياها [فحاباه] (٤) أيجوز؟ فإن قال: نعم. قيل: أفهذا فرار من فرائض الله؟ [فإن] (٤) قال: لا؛ لأنه أعطاه وهو يملك وقبل وقوع فرائض الله، قيل: وهكذا الصدقة تصدق بها صحيحًا وقبل وقوع فرائض الله؛ لأن الفرائض في الميراث إنما تكون بعد موت المالك، وفي المرض.


(١) سورة المائدة، آية (١٠٣).
(٢) في "الأصل": فهو، والمثبت من "الأم" (٤/ ٥٢).
(٣) في "الأصل": فإنما، وهو تحريف، والمثبت من "الأم".
(٤) ليست في "الأصل"، والمثبت من "الأم" (٤/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>