للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون في العدة حرامًا على الأزواج.

وقوله: "لا يضع عصاه عن عاتقه" له تأويلان:

أحدهما أنه يريد به أنه كثير السفر لا يقيم عند أهله؛ فإن مِنْ شأن المسافر أن يحمل عصاه على عاتقه كما يقال للمقيم ألق عصاك.

قال الشاعر:

فَأَلْقَتْ عَصَاهَا (واستقرت) (١) بها النَّوَى ... كما قَرَّ عينَّا بالإِيابِ المُسافِرُ

فكنى بحمل العصى عن السفر الذي هو مظنته، كما كنى بهذا عن الإقامة، وهذا مما يُنَفِّر النساء؛ فإن الزوج إذا كان كثير الأسفار كرهته المرأة.

والثاني أنه يريد أنه كثير الضرب لامرأته، فكأنه يلازم حمل العصا على عاتقه للضرب، وهذا أيضًا مما يُنَفِّر النساء.

و"الغبطة" السرور والفرح، وهو من حسن الحال، والأصل فيه أن يتمنى لنفسه مثل حال محمودة لغيره من غير أن يتمنى زوالها عنه، وليس بحسد، وفي رواية الشافعي ومالك "فاغتبطت به" وفي رواية الباقين بحذف "به" وزيادتها زيادة في البيان، وإيضاح وتخصيص أن الغبطة كانت به لا بغيره؛ فإن هذا الوهم حاصل مع حذفها، وإن كانت الحال تنافيه إلا أن فيه جواز إيهام.

وفي هذا الحديث جواز التعريض بالخطبة في العِدَّة.

وفيه: أن المال معتبر في بعض أنواع الكفاءة.

وفيه: دليل على جواز تأديب الرجل امرأته.

وفيه: دليل على أن المستشار إذا ذكر الخاطب عند المخطوبة ببعض ما فيه من


(١) كذا في "الأصل"، والغريب للخطابي (١/ ٩٧)، والغريب لابن سلام (١/ ٣٤٤).
ووقع في لسان العرب (١٥/ ٦٥)، (١٥/ ٣٤٧)، والغريب لابن سلام (٤/ ٢٩): (واستقر).
وذكر ابن منظور الخلاف في اسم قائل هذا البيت (١٥/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>