للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كون زوج بريرة عبدًا؛ فإنه لم يذكر هذا الحديث ولا الحديث الذي يجيء بعده عن ابن عمر في وجه الاستدلال بهما على أن زوجها [كان] عبدًا، وإنما ذكره عقيب كلامٍ أورده في بعض كتبه، ونحن نحكي القصة لتبيين سبب ذكره.

قال الشافعي: خالفنا بعض الناس في خيار الأمة، فقال: تخير تحت الحر كما تخير تحت العبد، وقالوا: روينا عن عائشة أن زوج بريرة كان حرًّا.

قال الشافعي -رضي الله عنه- فقلت له: روى عروة والقاسم عن عائشة -رضي الله عنها-: أن زوج بريرة كان عبدًا، وهما أعلم بحديث عائشة ممن رويت هذا عنه. قال: فهل تروون عن غير عائشة أنه كان عبدًا؟ فقلت: هي المعتقة، وهي أعلم به من غيرها، وقد روي من وجهين قد تُثبت أنت ما هو أضعف منهما، ونحن إنما نثبت ما هو أقوى منهما. قال: فاذكرهما.

فذكر الشافعي -رضي الله عنه- هذا الحديث عن ابن عباس والحديث الذي يذكره بعد هذا عن ابن عمر، وإنما قال الشافعي بحديث ابن عباس وابن عمر: ونحن إنما نثبت ما هو أقوى [منهما] (١) لأن الحفاظ اختلفوا في عكرمة مولى ابن عباس، فمنهم من لم يحتج بحديثه -منهم مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح- ومنهم من يحتج بحديثه -وهؤلاء الأكثر- وعكرمة هو راوي هذا الحديث عن ابن عباس.

وأما حديث ابن عمر؛ فلأن في رواة حديثه القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري شيخ الشافعي، وهو ضعيف عند أهل العلم بالحديث، فلم [ير] (٢) الشافعي -رضي الله عنه- الاحتجاج بما رواه عنه، فلهاتين العلتين قال الشافعي ما قاله لمخاطبه، ولأجل ذلك أخرج هذين الحديثين.


(١) في "الأصل": بينهما، وهو تحريف.
(٢) ليست في "الأصل"، وانظر المعرفة (٥/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>