للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرنا الشافعي، أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن أبي مليكة، عن سعيد بن جبير أنه قال: "الذي بيده عقدة النكاح الزوج".

وأخبرنا الشافعي، أخبرنا سعيد، عن ابن جريج أنه بلغه عن ابن المسيب أنه قال: "هو الزوج".

هذه الآثار هكذا جاءت في المسند وقد رفع في "الإملاء" حديث ابن سيرين إلى شريح ولم يرفعه في كتاب "الصداق" وهو عن شريح مشهور.

قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (١) فجعل الله للمرأة فيما أوجب لها من نصف المهر أن تعفو، أي تهب بعض ما تستحقه، وجعل للذي بيده عقدة النكاح أن يعفو عن ذلك، أي يتمم لها الصداق، وبَيِّنٌ عندي أن الذي بيده عقدة النكاح الزوج؛ وذلك أنه إنما يعفو من له يعفوه، فالعفو في الآية له معنيان, لأنه قد جاء في حق النساء وحق الرجال؛ فأما حق النساء فهو قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} (١) هو بمعنى: إلا أن يتركن، تقول عفوت لفلان عما لي عليه إذا تركته، ويعفون فعل جماعة النساء، وهو في اللفظ مثل فعل جماعة الرجال، ولكن بتقديرين مختلفين.

وأما حق الرجال فهو من الزيادة والإفضال، تقول: عفوت لفلان عما لي إذا أفضلت له وأعطيته، والمعنى دائر في الأمرين على معنى الإفضال؛ لأن كل واحد من الزوجين عافٍ أي مفضل، أما إفضال المرأة فبأن تترك للزوج ما وجب لها عليه أو بعضه، وأما إفضال الزوج فبأن يتمم لها المهر، أو يزيدها على النصف الذي وجب لها عليه.


(١) سورة البقرة، آية (٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>