للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: طلقت امرأة لي مائة. قال: تأخذ ثلاثًا وتدع سبعة وتسعين".

وأخبرنا الشافعي، أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: "قال رجل لابن عباس: طلقت امرأتي مائة. قال: تأخذ ثلاثًا وتدع سبعة وتسعين".

هذا الحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (١) قال: "بلغه أن رجلاً قال لعبد الله بن عباس: إني طلقت امرأتي مائة تطليقة، فماذا ترى عَليّ؟ فقال ابن عباس: طلقت منك بثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزوًا".

وقد أخرج البيهقي (٢) الروايتين معًا، إلا أنه قال في الرواية الأولى عوض "المائة": "ألف وقال: "تدع تسع مائة وسبعًا وتسعين".

قوله في الرواية الأولى: "امرأة لي" هذا اللفظ يقتضي أن له أكثر من امرأة، وجائز أن تكون له امرأة واحدة إلا أن اللفظ بالمعنى الأول أخص، وفي الرواية الثانية: "طلقت امرأتي" يدل على الأمرين إلا أنه بالمعنى الثاني أخص.

وقوله "تأخذ ثلاثًا" يعني تكتفي في طلاقها بثلاث تطليقات، وتدع الباقي من المائة لا حكم له.

وقوله: "اتخذت بها آيات الله هزوًا" يريد أنك لعبت في قولك ذلك، و"آيات الله" يريد بها أن الطلاق الذي أمر الله به منتهاه إلى الثلاث، وما جاء بعده فإنما هو لعب وهزوٌ ولا أصل له، فكأنه استهزأ بحكم الله تعالى في حصره الطلاق في الثلاث، قيل: إن الواجب عليك أن تجد في العمل بآيات الله وأوامره لا أن تستهزأ.

وهذا الحديث ذكره الشافعي بعد حديث ابن عباس؛ يشير إلى أنه قد صح عنه أنه أجاز الثلاث، وأنه لما استفتاه هذا السائل عن المائة أوقع عليه الثلاث


(١) الموطأ (١١٤٦).
(٢) السنن الكبرى (٣٣٢٧)، و (٧/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>