للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العجلاني -وهو أحيمر سبط نضو الخلق- فقال: يا رسول الله! أرأيت شريك ابن السحماء -يعني ابن عمه، وهو رجل عظيم الأليتين أدعج العينين خال الخلق- يصيب فلانة -يعني امرأته- وهي حبلى وما قربتها منذ كذا، فدعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شريكًا فجحد، ودعى المرأة فجحدت، فلاعن بينها وبين زوجها وهي حبلى، ثم قال: "انظروها، فإن جاءت به أدعج، عظيم الأليتين فلا أراه إلا [قد] (١) صدق عليها وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب". فجاءت به أدعج عظيم الأليتين، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أمره لبينِّ لولا ما قضى الله" يعني أنه لِمَنْ زنا لولا ما قضى الله من أن لا يحكم على أحد إلا بإقرار واعتراف على نفسه، لا يحل بدلالة غير واحد منهما وإن كانت بينة، فقال: "لولا ما قضى الله لكان لي فيها قضاء غيره" ولم يعرض لشريك ولا للمرأة -والله أعلم- وأنفذ الحكم وهو يعلم أن أحدهما كاذب، ثم علم بعد أن الزوج هو الصادق.

هذا الحديث جاء في المسند في كتاب "إبطال الاستحسان" مبتورًا كما تراه، وقد أبان عنه الإمام الحافظ أبو بكر أحمد البيهقي وأوضحه فقال (٢) -رحمه الله-: قد ذكر الشافعي -رحمه الله- في كتاب "إبطال الاستحسان" فصلا في أن الأحكام في الدنيا إنما هي على ما أظهر العباد، وأن الله يدين بالسرائر هو احتج بأمر المنافقين وبحديث أبي هريرة قال: "لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا [إله إلا] (٣) الله" ثم قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة. وإنما أراد حديث هشام، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ" الحديث لكنه انقطع إما بترك وقع في نسخه، وإما بترك الشافعي الحديث ليرجع إلى الأصل فيثبته، وكأنه كره إثباته من الحفظ ثم كتب بلا إسناد: وجاء العجلاني إلى


(١) تكرر في الأصل.
(٢) المعرفة (١١/ ١٥٨).
(٣) من المعرفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>