للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرنا الثقة، عن عبد اللَّه بن عمر عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: من نام مضطجعًا وجب عليه الوضوء ومن نام جالسًا فلا وضوء عليه.

هذا حديث صحيح، أخرجه مالك في الموطأ (١) إلا أنه قال: جالسًا بدل قاعدًا.

وإنما ذكره الشافعي في كتاب اختلافه مع مالك، لأن من مذهب مالك أن يسير النوم لا ينقض الوضوءَ، ومذهب جماعة أخرى منهم الحسن البصري: أن النوم على جميع حالاته ناقض للوضوء.

فأخرج الشافعي هاتين الروايتين في كتاب اختلافه مع مالك، نقضًا للمذهبين فإنه لم يفرق فيهما ابن عمر بين قليل النوم وكثيره؛ وإنما اعتبروا النوم قاعدا وجالسًا, ولا فرق بين القعود والجلوس من جهة المعنى، وإنما يفترقان من جهة اللفظ والتصرف في الموضع فإن موضع القعود مقعد -بفتح العين- قال اللَّه تعالى (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) (٢) وموضع الجلوس مجلس بكسر اللام، فأما المجلس -لفتح اللام- فهو المصدر.

وقاعدًا: منصوب على الحال، وقوله: وهو قاعد، جملة من مبتدأ وخبر في موضع الحال أيضًا.

وقد صرح في الرواية الثالثة بالفرق بين النومتين، فقال: "من نام مضطجعًا فعليه الوضوء ومن نام جالسًا فلا وضوء عليه".

فلم يبق تأويلًا يتطرق إلى اللفظ.

وهذا يرد قول من قال: إن النائم جالسًا لا ينقض وضوؤه.


(١) الموطأ (١/ ٥٠).
وأخرج الرواية الثانية البيهقي في المعرفة (٩٠٤).
(٢) القمر: [٥٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>