وهذا الحديث قد تضمن أحكامًا، والمقصد من إدراجه تخيير ولي القتيل بين القصاص والدية، ونحن نذكر ما يتعلق بالحديث من الأحكام.
والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- في أمر الحرم: أن من قتل قتيلاً فلجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه وكذلك الحدود. وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة: لا يقتل ولكن ينظر خروجه من الحرم، إلا أن يكون قد قتل فيه فإنه يقتل.
وأما الصيد: فإن صيد الحرم لا يجوز لأحد قتله ولا صيده وهذا إجماع.
وأما الشجر: فإنه لا يجوز قطعه، وسواء في ذلك ما نبت بنفسه أو ما أستنبته الآدميون. وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة: ما ينبته الآدميون يجوز قطعه، وما لم ينبتوه: فإن كان مما يستنبته الناس جاز قطعه، وما لا فلا.
وأما حشيش الحرم: فلا يجوز قطعه ولا قلعه ولا بيعه إلا الإذخر، لقول العباس -رضي الله عنه-: إلا الإذخر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إلا الإذخر".
ويجوز رعي الحشيش لحاجة الماشية إليه.
وقال أبو حنيفة وأحمد: لا يجوز.
فأما العوسج والشوك: فيجوز قلعه لأنه مضر.
ويحكى عن مالك أنه قال: لا شيء على من قطع شيئًا من شجر الحرم. وهو قول داود.
فأما التخيير في القصاص والدية: فإن القتل العمد العدوان عند الشافعي على قولين:-
أحدهما: أن الواجب به أحد شيئين: إما القصاص، وإما الدية ويعتبر ذلك