للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بديته.

هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري (١) مسندًا عن عبيد الله بن سعيد عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون -هزيمة بينة عرفت فيهم، وقد كان انهزم منهم قوم حتى لحقوا بالطائف- فصرخ إبليس: أي عباد الله! أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فبصر حذيفة فإذا هو بأيه اليمان، فقال: أي عباد الله! أبي أبي، قال: فوالله ما اختجروا حتى قتلوه فقال حذيفة: يغفر لكم، قال عروة: فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله -تعالى-. ولم يذكر الدية.

الآطام: جمع أطم وهو الحصن، مثل: أجم وآجام، وكان لأهل المدينة حصون إذا خافوا العدو، لجأوا إليها وتركوا فيها نساءهم وذراريهم وأموالهم.

وقوله: "فخرج يتعرض للشهادة" يريد: القتل في سبيل الله يرجوا أن يقتل فيموت شهيدًا.

وقوله: "فتوشقوه بأسيافهم" أي: قطعوه بها، وأصله من الوشيقة وهي اللحم المقدد، وقيل: هي اللحم يقطع ويغلى إغلاءة خفيفة حتى يبقي مدة لا يهلك.

وقوله: "أخراكم" يريد وراءكم أي: ارجعوا إليه، وذلك أن إبليس -لعنه الله- لما رأى المشركين قد انهزموا صاح في المسلمين: يا عباد الله، وراءكم، يحذرهم فيوهمهم أن العدو وراءهم، فرجعت أولى المسلمين إلى ورائهم فاجتلدوا مع أخراهم، فصادفوا اليمان فقتلوه وهم يظنون أنه من المشركين وكان ذلك من لعنة إبليس.

والاجتلاد: افتعال من الجلد يريد: القتال والمضاربة والاحتجاز،


(١) البخاري (٤٠٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>