للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديث من الفقه:-

أن الدعوى في القسامة مخالفة لسائر الدعاوى بتقديم يمين المدعي.

وفيه: أن الحكم بين المسلم والذمي كالحكم بين المسلمين في الاحتساب بيمينه والاكتفاء بها، وأن يمين المشرك مسموعة على المسلمين كيمين المسلم عليه.

وقال مالك: لا تسمع أيمانهم على المسلمين كشهادتهم.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب أن رجلاً من بني سعد بن ليث أجرى فرسًا فوطئ على إصبع رجل من جهينة فنزى منها فمات، فقال عمر للذين ادعى عليهم: يحلفون بالله خمسين يمينًا ما مات منها، فأبوا وتحرجوا من الأيمان وقال للآخرين: احلفوا أنتم فأبوا.

هكذا أخرج الحديث في كتاب "اليمين مع الشاهد" (١) ولم يتمه، وقد جاء عامته في كتاب "السنن" (٢) للبيهقي قال: فقضى عمر بن الخطاب بشطر الدية على السعديين.

نزى ونزف بمعنًى، تقول: أصابه جرح فنزى منه فمات أي: نزف منه الدم فمات.

والتحرج: تفعل من الحرج وهو: الإثم أي: امتنعوا من اليمين خوفًا من الوقوع في الإثم.

وهذا الحديث أورده لبيان تقديم المدعى عليه في القسامة، وأنه قد خالف فيه.

قال البيهقي: ولو سمع عمر -رضي الله عنه- قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاوزه إلى غيره، كما روينا عنه في كل ما بلغه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يسمعه.

قد أخرج الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن منصور، عن الشعبي أن عمر


(١) الأم (٧/ ٣٧).
(٢) السنن الكبير (٨/ ١٢٥ - ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>