للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج الثانية: عن قتيبة، عن مالك.

قوله: "أسكر" أي فيه قوة الإسكار ومن شأنه أن يسكر إذا شرب؛ لا أنه يريد القدر الذي يسكر منه؛ بدليل أن قليل الخمر المعتصر من العنب حرام إجماعًا، وهو لا يسكر قليله إنما يسكر كثيره؛ ويؤيد ذلك الزيادة التي في رواية أبي داود والترمذي وهي قوله: "ما أسكر منه الفرق" وهو إناء يسع ستة عشر رطلاً: "فملء الكف منه حرام".

وقوله: "كل شراب" على جهة العموم يتناول الأشربة كلها فيها ومطبوخها عنبها وزبيبها وتمرها وغير ذلك؛ مما يتخذ منه الشراب المسكر فلا وجه لتخصيص أحد الأشربة؛ كيف والأحاديث متعاضدة على ذلك.

والبِتْع -بكسر الباء وسكون التاء-: شراب يتخذ باليمن من العسل وهذا من أقوى الأدلة على عموم التحريم لكل مسكر، لأنهم لما سألوه عن البتع ظنا منهم أن له حكمًا خاصا؛ وأنه غير داخل في عموم التحريم، قال لهم في الجواب: "كل شراب أسكر فهو حرام"، التقدير: إن كان البتع يسكر فهو حرام، ألا تراه لما سئل عن نوع واحد من أنواع الأنبذة وهو البتع؛ أجابهم بتحريم الجنس فدخل فيه القليل والكثير؛ ولو كان فيه تفصيل الشيء من أنواعه ومقاديره لذكره ولم يهمله.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الخمور والأنبذة كلها وكل شراب مسكر فهو حرام.

أما الخمر المعتصرة من العنب إذا قدمت بالمربد واشتدت، فقليلها وكثيرها حرام إجماعًا لا خلاف فيه.

وأما غيرها من الأنبذة: فاختلف العلماء في تحريمها:-

فروي تحريمها عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وعائشة. وبه قال مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>