للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد الشافعي بقول عمر قوله: إني شممت من عبيد الله وأصحابه ريح الشراب، وأنا سائل عما شربوا فإن كان مسكرًا حددتهم.

وإنما قال: أجلدهم جميعًا وإن كان واحدا منهم، لأنهم قد اجتمعوا على شرب شراب مسكر، وشرب قليل المسكر وكثيره يوجب الحد، ولم يعتبر في وجوبه وجود الرائحة حتى علله بشرب المسكر فجلدهم وان لم يسكروا.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الحد لا يقام على أحد شرب حتى يقر أنه شرب مسكرًا؛ أو يشهد عليه عدلان بذلك، فأما إن وجد سكران، أو اشتم منه رائحة المسكر، أو تقيأ مسكرًا لم يجب الحد لأنه يجب أن يكون شرب مكرها، أو شرب ما يجيء منه رائحة الخمر. ألا ترى أن عمر لما شم من ابنه رائحة شراب لم يحده بمجرد الرائحة؛ ولا مجرد إخباره أنه شرب الطلاء حتى قال: أسأل عنه فإن كان مسكرًا جلدته.

أخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمد بن علي أن علي بن أبي طالب جلد الوليد بسوط له طرفان أربعين، فيكون ذلك ثمانين لأجل الطرفين.

وهذا الحديث منقطع، محمد بن علي لم يدرك عليًّا -كرم الله وجهه- وقد جاء في الحديث أنه: أمر به فجلد أربعين جلدة، وهذا يشبه بأنه لا يخالفه بأن يكون جلده بكل طرف عشرين؛ فيكون الجميع أربعين، ولذلك قال علي لما جلد الوليد بهذا السوط -إن كان ثابتا- أربعين، فقد قال في الحديث الثابت: جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكُلٌ سُنَّةٌ، وقال في رواية عبد العزيز بن المختار وهو أحب إلي فلولا أنه اقتصر على أربعين لم يقل وهذا أحب إلي، فأما جلد الوليد بن عقبة وشيبة، فإن الوليد ابن عقبة بن أبي معيط هو أخو عثمان بن عفان لأمه، كان أميرًا على الكوفة وكان يشرب الخمر فصلى بالناس صلاة الصبح أربعًا ثم قال: أزيدكم، فرفع أمره إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>