للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريش من أشراف القبائل عند الله جعل شرارها أقل شرًا من شرار الناس؛ ولم يقل أقل شرًا، وجاء به بلفظ الخبر فقال: "خيار شرار الناس" وأضاف الخير إليهم في حال وصفهم لقلة الشر وأضاف الشر إلى الناس، وهذا من ألطف أبواب الخطاب وأحسنها.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا".

هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم.

فأما البخاري (١): فأخرجه عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. وزاد فيه: "وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم لهم كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه".

وأما مسلم (٢): فأخرجه عن قتيبة، عن مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد وذكر نحوه.

المعادن: جمع معدن الشيء وهو موضعه الذي يوجد فيه ويكثر فيه وقوعه.

وفقه الرجل يفقه -بالضم فيهما-: إذا صار فقيها، وفقه -بالكسر- يفقه -بالفتح- إذا علم.

وقوله: "خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام" وإن كان الحكم عامًا في حق الناس، فإن فيه إشارة إلى قريش وأنهم خيار الناس في الجاهلية، وهم خيار الناس في الإسلام، وإن الخير خير على كل حال كافرًا كان أو مسلمًا،


(١) البخاري (٣٤٩٣، ٣٤٩٤).
(٢) مسلم (٢٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>