للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"مواقع": جمع موقع، وهو الموضع يقع فيه السهم، ومنه قوله تعالى {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} (١) أي مساقطها في الغرب.

و"النبل": السهام الصغار العربية، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها؛ فإذا رجعوا إلى الواحد قالوا: سهم؛ وقد جمعوها على نبال وأنبال.

و"الإسفار": وقد تقدم ذكره وهو الإضاءة، والمراد به في هذا الحديث بقاء ضوء النهار، وهو غرض الشافعي من الاستدلال بهذا الحديث، لأن الذي ذهب إليه: هو القول بتعجيل صلاة المغرب؛ وليس عنده إلا وقت واحد، فإذا أخرها فرط في وقتها.

وإليه ذهب الصحابة والتابعون، ولا خلاف بين الفقهاء أن تعجيلها هو الأولى، وإن ذهب منهم ذاهبون إلى أن لها وقتين.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن زيد بن خالد الجهني قال: كنا نصلي مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - المغرب ثم ننصرف، فنأتى السوق ولو رُمِيَ نَبْلٌ لرئي مواقعها.

وهذا الحديث أيضًا مذكور لما ذهب إليه الشافعي من تعجيل صلاة المغرب؛ وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كثير المحافظة على ذلك حتى أنه مع طول صلاته وتأنيه فيها -على ما قد ثبت عنه من ذلك- كان الإنسان إذا رمى سهمًا رأى أين يقع من الأرض، مع بعد المدى وصغر السهم، وأن الرمى في السوق؛ وفيه ما جرت به عادة الأسواق والجدر من إسراع الظلمة إليها، وأنها تحجب الضوء من الجانب الغربي عن الأرض؛ فاجتمع مع هذه الأوصاف رؤية النبل؛ وذلك من أوضح شيء في بقاء ضوء النهار؛ وتعجيل صلاة المغرب.

والأحاديث إذا تعاضدت على الحكم كان أثبت له.

وأخرج الشافعي في القديم: عن سفيان، سمع أبا عبيدة بن عبد اللَّه يقول: كان ابن مسعود يصلي المغرب إذا غاب حاجب الشمس ويحلف:


(١) الواقعة: [٧٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>