للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعه قوم يتحمل بهم على الشافعي في تأخيره ليدفع إليه قيمة الثياب فقال له الشافعي: قد اختلف أهل العلم في تضمين القصار، ولم أتبين أن الضمان يجب فلست أضمنك شيئًا.

وقال الحارث: دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما وضع الشافعي برجله على العتبة أبصره، فرجع ولم يدخل؛ فقال الخادم: ادخل.

فقال: لا يحل افتراش هذا، فقام الخادم متبسمًا حتى دخل بيتًا قد فرش بالأرميني، فدخل الشافعي، ثم أقبل عليه وقال: هذا حلال وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك وأكثر ثمنًا منه.

وقال أبو ثور: خرج الشافعي إلى مكة ومعه مال -وقلَّما كان يمسك شيئًا من سماحته- فقلت له: ينبغي أن تشترى بهذا المال ضيعة تكون لك ولولدك من بعدك، فخرج ثم قدم علينا فسألته عن ذلك المال ما فعل به؛ فقال: ما وجدت بمكة ضيعة يمكنني أن أشتريها لمعرفتي بأصلها, ولكن قد بنيت بمنى مضربًا (١) يكون لأصحابنا إذا حجوا ينزلون فيه.

وقال إبراهيم بن محمد الشافعي: ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن إدريس الشافعي؛ وذلك أنه أخذها من مسلم ابن خالد وأصحاب ابن جريج، وأخذوا عن ابن جريج، وأخذ ابن جريج عن عطاء، وأخذ عطاء عن ابن الزبير، وأخذ ابن الزبير عن أبي بكر الصديق، وأخذ أبو بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل -عليه السلام-.


(١) المضْرب: هو فسطاط الملك. انظر اللسان مادة ضرب؛ وفي الحلية جاء بلفظ: (بيتًا).
وانظر الحلية (٩/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>