للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر على الوجوب.

وقوله: "كما رأيتموني أصلي" تخصيص للأمر العام بالصلاة، أي صلوا صلاة مثل الصلاة التي رأيتموني أصليها، وهذا أمر مجمل حوى جميع أوصاف الصلاة: فرضها، وسنتها، وهيئتها من أولها إلى آخرها: "فليؤذن لكم أحدكم" هذا أمر على العموم من غير تخصيص لأحد بالأذان، فأيهم أذن أجزأ بخلاف قوله: "وليؤمكم أكبركم" فإنه خص الإمامة بالكبر وهو كبر السنن.

"والشببة": جمع شاب مثل: طالب وطلبة، وكافر وكفرة، وشاب: اسم فاعل من شب يشب شبابا فهو شاب.

"والرفيق": اسم فاعل من الرفق ضد العنف، تقول: رفق به يرفق فهو رفيق.

وقد جاء في روايه البخاري: "لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم" وهو من أحسن الألفاظ وأشرفها التي تحصل المعنى المطلوب من الخاطب، والمخاطب على ألطف وضع وأكمل حالة، وذلك كأنه - صلى الله عليه وسلم - تلمح منهم ميلهم إلى العود والرجوع إلى أوطانهم.

وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يريد منهم ذلك لأمرين:

أحدهما: إيناسهم وتخفيف كلفة الغيبة عليهم، ولئلا ينفروا من الإسلام لو طال مقامهم عنده أو منعهم من العود.

والثاني: وهو الأهم عنده والأدعى إليه عودهم إلى أهليهم ليعلموهم أمر الإسلام وشرائعه، فاجتمع في ذلك هذه الأغراض المتعلقة به وبهم، فلم يقل لهم: عودوا إلى أوطانكم، ولا ارجعوا إلى بلادكم، ولا علموا أهليكم ما عليهم من الفرائض.

وإنما عدل من هذه العبارة وما فيها من غلظه الأمر الحازم، والتكليف لميثاق الواجبات فقال: "لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتوهم" فأتى بأحسن عبارة، وألطف لفظ، وأشرف خطاب، جمع الأغراض المشار إليها حتى كان المنبه لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>