للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قصرت من الصلاة" أقصر قصرًا إذا أحذفت بعضها، وهو من القصر ضد الطول؛ لأن صلاة الحضر أربع ركعات وصلاة السفر ركعتان، فتلك طويلة وهذه قصيرة.

وأما ما جاء في رواية أبي داود "إقصار الصلاة" فإنه على لغة من قال: أقصرت أقصر إقصارًا.

واللغة الأولى أكثر وأفصح.

"والفتنة": الابتلاء والمراد بها في الآية: الاغتيال والغلبة والقتال والتعرض بما نكره، وليست المخافات شرطًا لجواز القصر للاجماع على جوازه مع الأمن وإنما ذكر الخوف في الآية: لأن غالب أسفارهم يومئذٍ كانت مخوفة؛ لكثرة العدو بأرضهم وكونهم محدقين بهم من كل جهة؛ فأينما توجهوا واجههم العدو.

ثم وردت السنة بجوازه مع عدم الخوف؛ ألا ترى كيف أتبعها بذكر صلاة الخوف فقال -عز وجل-: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (١) على أن ظاهر الآية للتخيير وإليه ذهب الشافعي وسيرد بيان المذهب في ذلك.

"والأمن": ضد الخوف أمن يأمن فهو آمن.

"والجناح": الإثم.

وقوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} (٢) من أوضح الأدلة على أن القصر رخصة؛ لأن العزيمة لا يقال لفاعلها لا إثم عليك في فعلها؛ بل يقال له: يجب عليك فعلها، فنفي الإثم عن فاعلها دليل على أنها رخصة لا عزيمة.

ثم قوله: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (٢) أدل دليل على أن أصل الصلاة هو أربع؛ لأن القصر إنما يكون من شيء أطول منه، فلو كان الأصل في الصلاة القصر لما قال "أن تقصروا".


(١) النساء [١٠٢].
(٢) النساء: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>