للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمر -وهي صفية بنت أبي عبيد- كانت مريضة وكان ابن عمر قد خرج يريد أرضًا له فنفدت إلى طريقه تستعجله ليدركها قبل أن تموت.

"وحزبه" الأمر يحزبه: اشتد عليه وناله منه مشقة، أو كان عنده مهمًّا.

وقد اختلفت ألفاظ هذا الحديث مع اتفاق المعنى أو ما يقاربه، فجاء في رواية: عجل في السير، وفي أخرى: أعجله السفر، وفي أخرى: عجل به أمر، وفي أخرى: حزبه أمر.

فأما عجل في السفر: فإن العجلة مخصوصة بذاته، ثم إلى إدراك أن يبين الأمر الذي كانت العجلة فيه، ولأجله عداه بقي الدالة على الظرفية فقال: في السير، كما تقول: عجلت في الكلام وفي الأكل ونحو ذلك.

وأما عجل به السير: فإنه نقل العجلة من اختصاصها بذاتها إلى السير، وجعل السير هو الفاعل للعجلة؛ ثم لما أراد أن يبين مستند العجلة وعمن هي أدخل حرف الجر الذي هو بالإلصاق على ضميره فقال: عجل به السير، ومنهما فرق دقيق وذلك أن عجل به السير: تكون العجلة جامعة للسير وله، كأن السير عجل وأخذه معه.

وأما عجل في السير: فإن العجلة مخصوصة به دون السير وإن كانت العجلة لازمة للسير، إلا أنها باللفظ الأول أشمل وأظهر ولذلك نقول: إنها أبلغ.

وأما جد به السير: فإنه مثل عجل به السير فيما ذكرناه من البيان وليس بينهما فرق إلا ما بين لفظي عجل وجدَّ، فإن عجل صريح في الشرعية وجد كناية عنه، ولو كانا بمعنى واحد لكان في عجل من كثرة الاستعمال والظهور ما يرجح جانبها على جانب جد.

ولقائل أن يقول: إن في جد من معنى الاجتهاد ما يقابل الظهور وكثرة الاستعمال الذي في عجل أو يفضله، وكلا الأمرين محتملان.

وأما عجله السير: وكأن السير هو الذي حمله على العجلة وهو دون عجل

<<  <  ج: ص:  >  >>