للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسجد لهما وأمر بأن يسجد له، فاحتمل أمره: أن يُسْجد له عند ذكر الشمس والقمر؛ أن (١) يأمر بالصلاة عند حادثٍ في الشمس والقمر، واحتمل: أنه يكون إنما نهى عن السجود لهما كما نهى عن عبادة ما سواه، فدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي أن يُصلَّى لله عند كسوف الشمس والقمر فأشبه ذلك معنيين:

أحدهما: أن يصلى عند كسوفهما لا يختلفان في ذلك، وأن لا يؤمر عند آية كانت في غيرهما بالصلاة كما أمر بها عندهما، لأن الله لم يذكر في شيء من الآيات صلاة، والصلاة في كل حال طاعة وغبطة لمن صلاها، فيصلى عند كسوف الشمس والقمر صلاة جماعة ولا يفعل ذلك في شيء من الآيات غيرها.

"والآية": العلامة هذا هو الأصل، ثم للمعجزة الواردة على يد النبي، والكرامة الواردة على يد الولي، والحادثة التي يحدثها الله تعالى من ظهور أمر غريب ووجود حال عجيب كالزلازل والخسوف ونحو ذلك آية رجوعها إلى الأصل لأنها علامة دالة على قدرة مُوْجدها وسلطان مُحْدثها.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن عبد الله بن عباس قال: "خسفت الشمس فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه فقام قيامًا طويلًا -قال: -نحوًا من سورة البقرة- قال: ثم ركع ركوعًا طويلاً، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله".

قالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت في مقامك شيئًا ثم رأيناك كأنك


(١) في الأم (١/ ٢٤٢): (بأن).

<<  <  ج: ص:  >  >>