للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= الراوى الواحد إذا كان ضابطًا متقنًا وروى الحديثين على الوجهين المختلف فيهما أنّ كلا منهما صحيحٌ. ثمَّ نقولُ قد روى شعَيبُ بن أيوب الصريفينى هذا الحديث عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، ومحمد بن جعفر بن الزبير جميعًا كلاهما عن عبد الله بن عبد الله بن عمر. أخرجه كذلك الحاكم في "مستدركه" وقال: شعَيبٌ ثقةٌ مأمونٌ، وكذلك رواه الدارقطنيُّ ووثق شُعَيبًا أيضًا، فثبت بذلك أن الحديث عند أبي أسامة عنهما جميعًا، وإنما كان يرويه تارة عن أحدهما، وتارةً يجمع بينهما. ولا يُعترضُ على هذا بما رُوى عن أبي داود أنه قال: "إنى لأخاف الله في الرواية عن شعيب بن أيوب" لأنه قد روى عنه في "سننه"، ولو كان كذلك لم يرو عنه ولم يضعِّفْهُ وكلامه هذا محتمل (١)، وقد ذكره ابنُ حبان في "كتاب الثقات" ومثلُ هذا في الحديث كثيرٌ .. =


(١) قلت: وقول العلائي: ولو كان كذلك لم يرو عنه، فيه نظر؛ لأن أبا داود تكلم في رواةٍ كثيرين وأخرج لهم في "سننه"، وربما يكون قول أبي داود إنما كان لأن شعيب بن أيوب ولى القضاء، ولأن القاضى لابد أن يتلبس بشىء من المظالم فكان بعض العلماء يتورع فيترك الرواية عنه. وقد ذكر ابن أبي خيثمة في تاريخه قال: خرجنا إلى مكة فقلت لأبي: عمن أكتب؟ فقال: لا تكتب عن أبي مصعب واكتب عمَّن شئت، هذا مع أن أبا مصعب وهو أحمد بن أبي بكر راوي الموطأ من الثقات الفحول، ولم يدر الذهبي وجهًا سائغًا لهذه القولة، بينما قال الحافظ في "التهذيب" (١/ ٢٠): "يحتمل أن يكون مراد أبي خيثمة دخولُه في القضاء أو إكثاره من الفتوى". ومثله ما ورد في ترجمة أحمد بن إسحق بن زيد أنَّ أبا بكر المروذى قال: قيل لأحمد: كتبت عنه؟ قال: لا، تركتُه على عمدٍ -قيل له: أيشٍ أنكرت عليه؟ قال: كان عندي إن شاء الله صدوقًا، ولكتى تركتهُ من أجلِ ابن أكثم، دخل له في شىء. والأمثلة على ذلك كثيرة. فلو صحَّ أن أبا داود تكلَّم في شعيب بن أيوب لذلك، فهو غير قادح بلا ريبٍ، وليس في العبارة ما يقتضي جرحًا، وهي مجملة غير مفسرة، فالعمل على التعديل المحقق. والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>