للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ن ك) , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: (" الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ الْكَلامَ، فَمَنْ يَتَكَلَّمَ فلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ) (١) وفي رواية: (فَإِذَا طُفْتُمْ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ ") (٢)

الشَّرْح:

(الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ) أَيْ: مثل الصلاة في الأحكام , أو مثلها في الثواب. ذخيرة٢٩٢٢

(إِلَّا أن تتكلمون فيه) أي: في الطواف

قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ تَعْتَادُونَ الْكَلَامَ فِيهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ مِثْلُهَا فِي كُلِّ مُعْتَبَرٍ فِيهَا وُجُودًا وَعَدَمًا إِلَّا التَّكَلُّمَ يَعْنِي وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْمُنَافِيَاتِ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَإِمَّا مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ رُخِّصَ لَكُمْ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْعُدُولِ عَنْ قَوْلِهِ إِلَّا الْكَلَامَ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ لَا تَخْفَى

ويُعْلَمُ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَدَمُ شَرْطِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ وَلَيْسَ لِأَصْلِ الطَّوَافِ وَقْتٌ مَشْرُوطٌ وَبَقِيَ بَقِيَّةُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنَ الطَّهَارَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَالْحَقِيقِيَّةِ وَسِتْرِ الْعَوْرَةِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَالصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتٌ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مِثْلِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ مِنَ الْآحَادِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ مَعَ الِاتِّفَاقِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنِ النَّجَاسَةِ الَّتِي بالمطاف إذ شَقَّ اجْتِنَابُهَا لِأَنَّ فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَزَمَنِ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ تَزَلْ فِيهِ نَجَاسَةُ زَرْقِ الطُّيُورِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَحَدٌ مِنَ الطَّوَافِ بِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَلَا أَمَرَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ بِتَطْهِيرِ مَا هُنَالِكَ

(فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِفَادَةِ عِلْمٍ وَاسْتِفَادَتِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُشَوِّشُ عَلَى الطَّائِفِينَ. تحفة٩٦٠

وفي رواية: (فَإِذَا طُفْتُمْ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ) أَيْ: فلا تكثروا فيه الكلام , وإن كان جائزا , لأن مماثلته بالصلاة تقتضي أن لا يُتكلم فيه أصلًا , كما لا يُتكلمُ فيها , فحيث أباح الله تعالى الكلام فيه رحمة بعباده , فلا أقل من أن لا يُكثروا فيه ذلك. ذخيرة٢٩٢٢

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ عَلَى طَهَارَةٍ كَطَهَارَةِ الصَّلاةِ، وَفِيهِ خِلافٌ مَحَلُّهُ كِتَابُ الْحَجِّ. نيل الأوطار (٢٦٣)

فَوائِدُ الْحَدِيث:

منها ما ترجم له النسائي: باب إباحة الكلام في الطواف.

ومنها: بيان فضل الطواف , حيث أنه مثل الصلاة.

ومنها: أنه يُستحب فيه ذكر الله تعالى , فإن الصلاة كلها ذكر , ودعاء , وتضرع , فينبغي أن يكون الطواف في ذلك مثلها. ذخيرة٢٩٢٢


(١) (ك) ١٦٨٦ , (ت) ٩٦٠ , (س) ٢٩٢٢ , (حب) ٣٨٣٦ , صححه الألباني في الإرواء: ١٢١، وصَحِيح الْجَامِع: ٣٩٥٥، وصحيح موارد الظمآن: ٨٢٨
(٢) (ن) ٣٩٤٥ , (حم) ١٥٤٦١، انظر صَحِيح الْجَامِع: ٣٩٥٦، الإرواء تحت حديث: ١٢١