للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكونوا فقراء فإلى فقراء المسلمين، وبه قَالَ أبو يوسف ومحمد، وهو أظهر قولي الشافعي، والثاني: لا يصح من أصله ..

وحجة الأول أنه إذا قَالَ: وقف. فإنما أراد به البر والقربة، وأن لا ينتفع هو بشيء من ذلك، والانتفاع يكون محبوسًا على ولده وولد ولده، فإذا انقرضوا صرف ذَلِكَ إلى أقرب الناس به من فقراء عصبته، وهذا المعنى يحصل به البر والقربة، وكذا إذا قَالَ: هذا وقف محرم؛ لأنه معلوم أنه قصد به البر والقربة، فحمل على ما علم من قصده، كرجل أوصى بثلث ماله، فإن ذَلِكَ يفرق في الفقراء المساكين وإن لم يسمهم؛ لأنه قد علم ذَلِكَ من قصده.

ألا ترى قول سعد بن عبادة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها. لم يسم على من يتصدق بالحائط، ولم ينكره عليه بل أقره.

قَالَ المهلب: ولا حاجة بنا إلى أن يذكر على من يكون الوقف؛ لأن الله تعالى قد بين أصناف الذين تجب لهم الصدقات في كتابه، وقد مضى من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة أبي طلحة ما فيه شفاء.

فرأى الشارع فيها أن تصرف الصدقة إلى صنف واحد، وهم أقارب

أبي طلحة. قَالَ ابن القصار: ولا يقاس هذا على ما إذا وقف على من لا يولد له ولم يكن له ولد في الحال؛ لأنه وقفه على غير موجود؛ لأنه قد يجوز أن لا يولد له، وإذا وقفه ولم يذكر له مصرفًا، فالفقراء موجودون ففي أيها جعلها الإمام صح الوقف (١).


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ٨/ ١٧٢ - ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>