للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المدينة والبصرة ومكة والشام والشعبي من أهل العراق، وبه قَالَ أبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي. وقَالَ أبو حنيفة وزفر: الحبس باطل ولا يخرج عن ملك الذي وقفه ويرثه ورثته، ولا يلزم الوقف عنده إلا أن يحكم به حاكم وينفذه، أو يوصي به بعد موته، وإذا أوصى به اعتبر من الثلث، فإن جمله الثلث جاز وإلا رد.

وحجة الجماعة قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا" وهذا يقتضي أن الشيء إذا حبس صار محبوسًا ممنوعًا منه لا يجوز الرجوع فيه؛ لأن هذا حقيقة الحبس ألا ترى أن عمر لما أراد التقرب بفعل ذَلِكَ رجع في صفته إلى بيان الشارع، وذلك قوله: (فتصدق بها عمر أنها لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث)، وعند المخالف أن هذا باطل وليس في الشريعة صدقة بهذِه الصفة، وأيضًا فإن المسألة إجماع من الصحابة، وذلك أن الخلفاء الأربعة وعائشة وفاطمة وعمرو بن العاصي وابن الزبير وجابرًا كلهم وقفوا الوقوف، وأوقافهم بمكة والمدينة معروفة مشهورة.

واحتجاج أبي حنيفة بما رواه عطاء عن ابن المسيب قَالَ: سألت شريحًا عن رجل جعل داره حبسًا على الأخِرِ فالآخِرِ من ولده. وقالوا: لا حبس على فرائض الله قالوا: فهذا شريح قاضي عمر وعثمان وعلى والخلفاء الراشدين حكم بذلك (١) وبما رواه ابن لهيعة عن أخيه عيسى، عن عكرمة، عن ابن عباس قَالَ: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بعدما أنزلت سورة النساء وأنزل الله فيها الفرائض:


(١) "شرح معاني الآثار" ٤/ ٩٦ (٥٨٧٧)، و"سنن البيهقي" ٦/ ١٦٢ وفيه أن السائل هو عطاء بن السائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>