للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معجز كنظم القرآن، ولا يقال: إنه خبر، والخبر لا ينسخ، إنما نسخ منه الحكم فقط، فإن حكم القرآن التلاوة، وأن لا يمسه إلا طاهرٌ وأن يكتب بين الدفتين، وأن يكون تعلمه من فروض الكفاية، فكل ما نسخ، (ورفعت) (١) منه هذِه الأحكام وإن بقي محفوظًا فإنه منسوخ، فإن تضمن حكمًا جاز أن يبقى ذَلِكَ الحكم معمولًا به، وأنكرت ذَلِكَ المعتزلة، وإن تضمن خبرًا بقي ذَلِكَ الخبر مصدقًا به، وأحكام التلاوة منسوخة عنه، كما نزل: لو أن لابن آدم وادِيَان من ذهب. فهذا خبر حق، والخبر لا ينسخ، لكن نسخ منه أحكام التلاوة له، وكان قوله: لو أن لابن آدم، في سورة يونس بعد قوله: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: ٢٤] كذا قَالَ ابن سلام (٢).

ثانيها: فيه دلالة كما قَالَ المهلب: أن من قُتل غدرًا شهيد؛ لأن أصحاب بئر معونة قتلوا غدرًا بهم.

ثالثها: اختلف الناس في كيفية حياة الشهيد، وأولاها -كما قَالَ ابن بطال- أن تكون الأرواح ترزق، وكذا جاء الخبر: "إنما نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة" (٣)، قَالَ أهل اللغة: يعني يأكل منها (٤).

قَالَ صاحب "المطالع" تعلق: بضم اللام أي: تتناوله، وقيل: نسمة وبالفتح أيضًا، ومعناه: تتعلق وتلزم ثمارها وتأوي إليها، وقيل: هما


(١) كذا بالأصل وأعلاها: كذا، وفي هامشها: ينبغي أن تكون بغير واو.
(٢) "الروض الأنف" ٣/ ٢٣٩ - ٢٤٠.
(٣) رواه الترمذي (١٦٤١)، والنسائي ٤/ ١٠٨، وابن ماجه (٤٢٧١)، وأحمد ٣/ ٤٥٥ من حديث كعب بن مالك، وصححه الترمذي، وابن حبان ١٠/ ٤١٣، والألباني في "المشكاة" (١٦٣٢).
(٤) "شرح ابن بطال" ٥/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>