للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسليط في الصحابة جماعة أخر.

وأم كلثوم زوج عمر بن الخطاب أمها فاطمة، أمهرها أربعين ألفا، خطبها إلى أبيها، فقال له: هي صغيرة. فقال عمر: أريدها، فأرسل إليه بها وقال: قد زوجته إن قبل. فلما أقبلت إليه قَالَ: قد قبلت. فلما وقفت عليه رفع طرف ثوبها، فقالت: أرسل الثوب فلولا أنك أمير المؤمنين للطمت وجهك. توفيت هي وابنها زيد بن عمر في يوم واحد أيام حرب زجاجة، فيما ذكره ابن المعلى الأزدي في كتاب "الترقيص"، وذكرها ابن عبد البر في "استيعابه" (١)؛ لأنها ولدت في حياته - صلى الله عليه وسلم -.

وفيه: دليل كما قَالَ المهلب: أن الأولى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أتباعه أهل السابقة إليه والنصرة له، لا يستحق أحد ولايته ببنوة ولا قرابة إذا لم يقارنها الإسلام، ثم إذا قارنها الإسلام يفاضل أهله بالسابقة والنصرة والمعونة بالمال والنفس، ألا ترى أن عمر جعل أم سليط أحق بالقسمة لها من المروط من حفيدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبنوة لتقدم أم سليط بالإِسلام والنصرة والتأييد، وهو معنى قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد: ١٠] الآية. وكذلك يجب ألا تُستحق الخلافة بعده ببنوة ولا بقرابة، وإنما تستحق مما ذكر الله من السابقة والإنفاق والمقاتلة.

وفيه: الإشارة بالرأي على الإمام، وإنما ذلك للوزير والكاتب وأهل النصيحة. والبطانة له، ليس ذَلِكَ لغيرهم، إلا أن يكون من أهل العلم والبروز في الإمامة، فله الإشارة على الإمام وغيره (٢).


(١) "الاستيعاب" ٤/ ٥٠٩ - ٥١٠ (٣٦٣٨).
(٢) "شرح ابن بطال" ٥/ ٧٨ - ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>