للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المؤمنين به، ألا ترى قول الرجل حين رأى قَتْلَهُ لِنَفْسِهِ: أشهد أنك رسول الله، وهو قد كان شهد قبل ذلك، وقد قال ذلك الصديق في غير ما قصة، حين كان يرى صدق ما أخبر به، كان يقول: أشهد أنك رسول الله.

وفيه: جواز الإغياء (١) في الوصف لقوله: (ما أجزأ منا اليوم أحد مثل ما أجزأ)، ولا شك أن في الصحابة من كان فوقه، وأنه قد ترك شاذات وفاذات لم يدركها، وإنما خرج كلامه على الإغياء والمبالغة، وهو جائز عند العرب.

وقوله: (إلا اتبعها بسيفه) معناه: يضرب الشيء المتبوع؛ لأن المؤنث قد يجوز تذكيره على معنى أنه شيء وأنشد الفراء (للأعرابية) (٢): تركتني في الحي ذا غربة

تريد ذات (غربة) (٣)، لكنها ذكرت على تقدير تركتني في الحي (إنسان) (٤) ذا غربة أو شخصا ذا غربة، قَال القرطبي في حديث أبي هريرة: "إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له بعمل أهل النار فيدخلها" وهو غير حديث سهل، لأن ذاك لم يكن مخلصًا، وهنا يتأول -على بُعْدٍ- على من كان مخلِصًا في أعماله قائمًا على شروطها، لكن سبقت عليه سابقة القدر الذي لا محيص عنه فبدل به عند خاتمته (٥).


(١) ورد بهامش الأصل ما نصه: يقال: أغيا الرجل إذا بلغ [الغاية] في الشرف والأمر و [الغاية] في سباقه كذلك.
(٢) بياض في الأصل، والمثبت من (ص ١).
(٣) من (ص ١).
(٤) كذا في الأصول، والصحيح: إنسانًا، وعليها في الأصل: كذا.
(٥) "المفهم" ١/ ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>