للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- صلى الله عليه وسلم -: "ما تركت أعرابيتك بعد" قَالَ الحسن: لا ينبغي أن يفدي أحدٌ أحدًا. ورواه المنكدر عن أبيه قَالَ: دخل الزبير فذكره .. (١) - فَغَيْرُ صَحِيحٍ لإرسالِ الأوَّلِ وضَعْفِ الثاني.

قَالَ الطبري: هذِه أخبار واهية لا (يثبت بمثلها) (٢) حجة؛ لأن مراسيل الحسن أكثرها صُحُفٌ غَيرُ سَمَاعٍ، وإذا وصل الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون، والمنكدر بن محمد عند أهل النقل لا يعتمد على نقله. وعلى تقدير الصحة ليس فيه النهي عن ذَلِكَ، والمعروف من قول القائل إذا قَالَ: فلان لم يترك أعرابيته أنه نسبه إلى الجفاء لا إلى فعل ما لا يجوز، وأَعْلَمَهُ أن غيره من القول والتحية ألطف وأرق منه (٣). وسيمر بك شيء من هذا المعنى في كتاب الأدب إن شاء الله.

ثم التفدية منه دعاء، وأدعيته مستجابة، وقد يوهم أن يكون فيه إزراء بحق الوالدين، وإنما جاز ذَلِكَ؛ لأن أبويه ماتا وهما هما، وسعد مسلم، ففديته بهما غير محظور، قاله الخطابي (٤).

وفيه: دلالة على حرمة الأبوة كيف كانت وحقها؛ لأنه لا يفدي إلا بذي حرمة ومنزلة، وإلا لم تكن بفدية ولا بفضيلة للمفدى. ومن هنا قَالَ مالك: من آذى مسلمًا في أبويه الكافرين عوقب وأدب بحرمتهما عليه.


(١) الحديثان رواهما الطبري في "تهذيب الآثار" مسند علي (١٨١، ١٨٣).
(٢) في (ص ١): (ينسب لمثلها).
(٣) "تهذيب الآثار" مسند علي ص ١١٢ - ١١٣.
(٤) "أعلام الحديث" ٢/ ١٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>