للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابن العربي: الخديعة في الحرب تكون بالتورية وتكون بالكمين وتكون بخلف الوعد، وذلك من المستثنى الجائز المخصوص من المحرم، والكذب حرام بالإجماع، جائز في مواطن بالإجماع، أصلها الحرب أذن الله فيه وفي أمثاله رفقًا بالعباد لضعفهم، وليس للعقل في تحليله ولا تحريمه أمر إنما هو إلى الشرع، ولو كان تحريم الكذب كما يقوله المبتدعون عقلا ويكون التحريم صفة نفسية كما يزعمون ما انقلب حلالًا أبدًا، والمسألة ليست معقولة فتستحق جوابًا وخفي هذا على علمائنا (١).

قلتُ: والظاهر كما قَالَ النووي إباحة حقيقة الكذب، نعم الاقتصار على التعريض أفضل (٢).

وأما قوله: ("هلك كسرى .. ") إلى آخره فهو عام فيه وخاص في قيصر، ومعناه: فلا قيصر بعده بأرض الشام، وقد دعا - صلى الله عليه وسلم - لقيصر لما قرأ كتابه أن يثبت الله ملكه، فلم يذهب ملك الروم أصلاً إلا من الجهة التي خلا منها، وأما كسرى فمزق كتابه فدعا عليه أن يمزق ملكه كل ممزق، فانقطع إلى اليوم.

وفيه: من علامات النبوة إخباره أن كنوزه مما ستنفق في سبيل الله، فكان كذلك.

وقال ابن التين: قوله: "ثم لا يكون كسرى بعده" قيل: معناه لا يملك مسلم ملكه. وقيل: فلا قيصر بعده يكون بالشام كما قدمناه، وهو ما جزم به ابن بطال أيضًا (٣)، وقد سلف أيضًا تأويل ذَلِكَ في


(١) "عارضة الأحوذي" ٧/ ١٧١ - ١٧٢.
(٢) "شرح مسلم" ١٢/ ٤٥.
(٣) "شرح ابن بطال" ٥/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>