للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أول "الصحيح" في الحديث السادس منه فراجعه. قَالَ الخطابي: فأما كسرى فقطع الله دابره وأنفقت كنوزه في سبيل الله، وأما قيصر ملك الروم فكانت الشام تجبى له بها فكان بها منتداه ومرتعه، وبها بيت المقدس الذي لا يتم للنصارى نسك إلا فيه، ولا يملك على الروم أحد إلا أن يكون من دخله سرًّا أو جهرًا، وقد أجلي عنها واستفتحت خزائنه ولم يخلفه أحد من القياسرة بعده إلى أن ينجز الله تمام وعده في فتح القسطنطينية آخر الزمان، فقد وردت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وسينجز الله وعده (١)، وقال القرطبي: ورد هلك كسرى بلفظ الماضي المحقق بعد، ووقع في الترمذي بإسناد مسلم: "إذا هلك" (٢) وبينهما بنون عظيم، فالأول يقتضي أن كسرى قد كان وقع موته فأخبر عنه.

وعلى هذا نزل حديث أبي بكرة من عند البخاري لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم امرأة قَالَ: "لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة" (٣) يعني: أنه لما مات كسرى وقع ذَلِكَ، ولهذا لا يصح أن يقال مكان قد مات إذا مات، ولا إذا هلك؛ لأن (إذا) للمستقبل و (مات) للماضي، وهما متناقضان فلا يصلح الجمع بينهما إلا على تأويل بعيد، وهو يقدر أن أبا هريرة سمع الحديث مرتين، أولاً "إذا هلك" ثم سمع بعده "هلك"، فيكون - صلى الله عليه وسلم - قاله أولاً قبل موت كسرى؛ لأنه علم أنه يموت، والثاني بعد موته.


(١) "أعلام الحديث" ٢/ ١٤٤٧ - ١٤٤٨.
(٢) "سنن الترمذي" (٢٢١٦).
(٣) سيأتي برقم (٧٠٩٩) كتاب: الفتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>