للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بها فيهم؛ لأنه قد يشك المرتاب ومن في قلبه جهل، فيقول: إذا جاز ظهور هذِه الآيات من غير نبي، فكيف يصدقها من نبي وغيره يأتي بها؟ فلو لم يكن في رفع هذِه إلا رفع الريب عن قلوب أهل التقصير والجهل؛ لكان قطع الذريعة واجبًا والمنع منها لازمًا لهذِه العلة، فكيف ولا معنى لها في الإسلام بعد تأصله، وعند أهل الإيمان بعد تمكنه؟ إلا أن يكون من ذَلِكَ مالاً يخرق عادة، ولا يقلب عينا، ولا يخرج عن معقول البشر، مثل أن يكرم الله عبدًا بإجابة دعوة من حينه في أمر عسير وسبب ممتنع ودفع نازل، وشنعة قد أضلت فيصرفها بلطفه عن وليه، وهذا ومثله مما يظهر فيه فضل الفاضل وكرامة الولي عند ربه، قَالَ: وقد أخبرني أبو عمران الفقيه الحافظ بالقيروان أنه وقف أبا بكر بن الطيب الباقلاني على تجويزه لهذِه المعجزات، فقال له: أرأيت إن قالت لنا المعتزلة: إن برهانًا على تصحيح مذهبنا وما ندعيه من المسائل المخالفة فحكم ظهور هذِه الآية على يدي رجل صالح منا؟ قَالَ أبو عمران: فأطرق عني ومطلني بالجواب، ثم اقتضيته في مجلس آخر فقال لي: كل ما اعترض من هذِه الأشياء شيئًا من الدين أو السنن، أو ما عليه صحيح العلم فلا يقبل أصلاً على أي طريق جاء. فهذا آخر ما رجع إليه ابن الطيب.

وأما حماية الله عاصمًا من الدبر فلئلا ينتهك حرمته عدوه، فهذِه الكرامة التي تجوز، مثل ذَلِكَ غير منكر؛ لأن الله تعالى حماه على طريق العادات، ولم يكن قلب عين ولا خرق عادة، هذا وشبهه جائز.

وفيه: علامة من علامات النبوة بإجابة دعوة عاصم بأن أخبر الله نبيه بالخبر قبل بلوغه على ألسنة المخلوقين (١).


(١) "شرح ابن بطال" ٥/ ٢٠٨ - ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>