للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بكمالها، ولكنه قسم منها طائفة على ما ذكره عمر، وترك منها طائفة لم يقسمها على ما روى جابر، وهي التي خرصها عليهم، والذي كان قسم فيها هو الشق والنطاق وترك سائرها، فعلمنا أنه قسم منها وترك، وللإمام أن يفعل من ذَلِكَ ما رآه صلاحًا (١).

واحتج عمر في ترك قسمة الأرض بقوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ} إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: ٧ - ١٠] الآية. وقال عمر: هذِه الآية قد استوعبت الناس كلهم، فلم يبق أحد إلا وله في هذا المال حق حتى الراعي بعدي. قَالَ أبو عبيد: وإلى هذِه الآية ذهب على ومعاذ، وأشار على عمر بإقرار الأرض لمن يأتي بعد (٢).

قَالَ إسماعيل: فكان الحكم بهذِه الآية في الأرض أن تكون موقوفة كما تكون الأوقاف التي يقفها الناس أصلها محبوس ويقسم ما خرج منها، فكان معنى قول عمر: لولا الحكم الذي أنزل الله في القرآن لقسمت الأصول. وهذا لا يشكل على ذي نظر، وعليه جرى المسلمون، ورأوه صوابًا.

قَالَ إسماعيل: والذين قاتلوا حَتَّى غنموا لم يكن لهم في الأصل أن يعطوا ذَلِكَ؛ لأنهم إنما قاتلوا الله لا للمغنم، ولو قاتلوا للمغنم لم يكونوا مجاهدين في سبيل الله تعالى.

قَالَ عمر: إن الرجل يقاتل للمغنم ويقاتل ليرى مكانه، وإنما المجاهد من قَاتل لتكون كلمة الله هي العليا. فلما كان أصل الجهاد أن يكون خالصًا لله، وكان عطاؤهم ما أعطوا من المغانم إنما هو


(١) "شرح معاني الآثار" ٣/ ٣٤٧.
(٢) "الأموال" ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>